
في خطوة جريئة ومثيرة للجدل، وقَّع أكثر من 1800 ممثل وفنان ومنتج من هوليوود، بينهم أسماء لامعة، على تعهد بعدم التعاون مع المؤسسات السينمائية الإسرائيلية التي يُعتقد تورطها في انتهاكات ضد الفلسطينيين. هذا التعهد، الذي صدر يوم الاثنين 8 أغسطس، يعكس تنامي الوعي السياسي بين الفنانين وتزايد الضغوط على إسرائيل بسبب سياساتها في الأراضي المحتلة.
تعهد فني بمقاطعة إسرائيلية
تأتي هذه المبادرة في سياق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، التي تهدف إلى الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني. وتبرز أسماء سينمائية لامعة وذات تأثير كبير ضمن الموقعين على التعهد، ومن بينهم نجوم من الصف الأول مثل أوليفيا كولمان، إيما ستون، مارك رافالو، تيلدا سوينتون، ريز أحمد، وخافيير بارديم، وسينثيا نيكسون، يؤكدون من خلاله على رفضهم لتسييس الفن واستخدامه كأداة لتبييض صورة إسرائيل في ظل الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها في حق الشعب الفلسطيني.
الوثيقة التي تم توقيعها تشير إلى أن “الفن لا يمكن أن يكون منفصلاً عن الواقع السياسي”، وأنهم “لا يمكن أن يتجاهلوا الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له الفلسطينيون”. هذه الخطوة ليست مجرد تعبير عن تضامن عاطفي، بل هي موقف سياسي صريح يهدف إلى إحداث تأثير ملموس على صناعة السينما الإسرائيلية.

تداعيات الموقف على الساحة الفنية والسياسية
من المتوقع أن يثير هذا التعهد ردود فعل متباينة، فبينما يرى البعض أنه خطوة شجاعة ومهمة لدعم القضية الفلسطينية، يعتبره آخرون موقفاً أحادياً وغير منصف. في المقابل، يرحب الفلسطينيون والنشطاء المؤيدون للقضية بهذه الخطوة، ويأملون في أن تكون بداية لصحوة أكبر في الأوساط الفنية العالمية.
تأثير هذا التعهد قد يتجاوز حدود صناعة السينما. فبينما يمكن أن يؤدي إلى تجميد التعاون المشترك بين الفنانين الأجانب والمؤسسات الإسرائيلية، فإنه قد يشجع فنانين آخرين على اتخاذ مواقف مماثلة. كما يمكن أن يؤثر على تمويل المشاريع السينمائية الإسرائيلية وحضورها في المهرجانات الدولية، مما يضع ضغطاً إضافياً على الحكومة الإسرائيلية لتغيير سياساتها.
تاريخ من المقاومة الفنية
ليست هذه المرة الأولى التي يتدخل فيها الفن في الصراعات السياسية. فمنذ عقود، استخدم الفنانون منصاتهم للتعبير عن آرائهم تجاه قضايا مثل الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وحرب فيتنام، وغيرها من النزاعات. مقاطعة إسرائيل من قبل الفنانين ليست ظاهرة جديدة، لكن ما يميز هذه المرة هو عدد الموقعين وشهرتهم العالمية، مما يعطي التعهد ثقلاً أكبر ويجعله حدثاً فريداً من نوعه.
في النهاية، يطرح هذا التعهد تساؤلات حول دور الفن في تغيير الواقع. هل يمكن أن يكون للفن القوة الكافية لإحداث تغيير سياسي؟ وهل ستستجيب المؤسسات الإسرائيلية لهذا الضغط؟ هذه الأسئلة ستبقى مفتوحة، ولكن الأكيد أن هذا التعهد قد وضع القضية الفلسطينية في صدارة اهتمام صناع القرار والمتابعين حول العالم.
و سبق أن أدان الكثير من الممثلين العالميين الكيان الصهيوني، الذي يمارس حرب الابادة الجماعية على ساكنة قطاع غزة
مضمون وثيقة التعهد
وجاء في هذا التعهد : “نتعهد بعدم عرض الأفلام أو الظهور في المؤسسات السينمائية الإسرائيلية أو العمل معها، بما في ذلك المهرجانات ودور السينما ومؤسسات البث وشركات الإنتاج، الضالعة في الإبادة والفعل العنصري بحق الشعب الفلسطيني”.
وذكرت الوثيقة أن “الدعوة موجهة إلى العاملين في صناعة الأفلام لرفض العمل مع المؤسسات الإسرائيلية المتواطئة في انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان”، وأضافت أن المؤسسات السينمائية الإسرائيلية شاركت في “تمويه أو تبرير” الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون.
حكم محكمة لاهاي
واستند الموقعون في اعتماد التعهد إلى حكم محكمة العدل الدولية الذي اعتبر الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، وتقارير حقوقية تقيّم الهجوم على غزة بأنه جريمة إبادة.
وتزداد عزلة الكيان في العالم خاصة في أوساط المثقفين والاكاديميين والفنانين والشباب. ففي أمريكا وحدها، أزيد من 60% من الشباب ينددون بالحرب ويتضامنون مع الشعب الفلسطيني
وتزداد المظاهرات توسعا وضغطا على النخب السياسية والاقتصادية لاتخاذ إجراءات رادعة وأكثر حزما ضد الكيان ومع الاعتراف بالدولة الفلسطيني.



