غير مصنف

هل سيتم الاكتفاء بالإعفاء أم سيعمل وزير الصحة على تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة؟

كما كان متوقعا، قام وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، اليوم بزيارة الى المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير حيث وقف، وحسب تصريحاته، على مجموعة من الإختلالات تهم التسيير والتدبير.

اختلالات، كما صرح بذلك، جاءت بناء على مجموعة من التقارير التي تم رفعها من طرف لجان أوكل لها مهام التتبع والتقييم. خروقات قرر على إثرها الوزير التهراوي اتخاذ مجموعة من القرارات الإدارية، أهمها، أولا، إعفاء مدير مستشفى الحسن الثاني بأكادير. ثانيا، اعفاء مجموعة من المسؤولين بالمندوبية الاقليمية للصحة و المديرية الجهوية للصحة باكادير. ثالثا، إنهاء مهام الشركات الخاصة بالنظافة والحراسة. رابعا، تزويد المستشفى بالأدوية والمعدات الطبية اللازمة. خامسا، تخاذ إجراءات تأديبية في حق الاطر الطبية التي تتغيب باستمرار عن المستشفى. سادسا، تأهيل المستشفى في إطار اتفاقية شراكة لتجديده بالكامل.

لن أغوص كثيرا في كون أن زيارة الوزير أمين التهراوي جاءت متأخرة وبعد الوقفة الاحتجاجية الأخيرة التي تم تنظيمها، ولن أتساءل لماذا لم تتم هذه الزيارة في وقت سابق، على الأقل منذ الإحتجاج، لكن سأقتصر على أمرين اثنين، أولا زيارة المستشفى الحسن الثاني هل ستكون الأولى والأخيرة، أم ستكون زيارات أخرى للوزير لمراكز استشفائية ومستشفيات تعيش نفس ما يعيشه مستشفى الحسن الثاني من اختلالات، ويشتكي المواطن من تردي الخدمات الصحية فيها كما كان في مستشفى أكادير؟ والأمر الثاني مرتبط بالقرارات في حد ذاتها؟

أولا، الجميع صفق للوزير أمين التهراوي خلال زيارته لمستشفى أكادير، الذي كشف عن حقيقة الصحة بالمغرب، وأيضا عرى عن المعطيات المغلوطة التي تقدم بالبرلمان أو اللقاءات الصحفية حول إصلاح قطاع الصحة، وأسكت أيضا أفواه بعض المحسوبين على الحكومة المعروفين بخرجاتهم التي تحمل في مضامينها “الكذب”.
استحسنت ساكنة أكادير هذه الزيارة، رغم أنها جاءت متأخرة، إلا أنها على الأقل، أثلجت الصدور وأطفأت نيران الغضب.
لكن، ما يجب على الوزير معرفته، وأظنه أنه يعلم ذلك، ماعدا إذا كان هناك تستر عن الحقيقة التي وجب رفعها من طرف المسؤولين الجهويين عن القطاع، أن مستشفى أكادير ليس وحده من يعرف الاختلالات والمشاكل، وأن ساكنة أكادير ليست وحدها من تكتوي بتردي الخدمات والمواعيد طويلة الأمد، والاستقبال السيء، واللامبالاة وانعدام التواصل، بل جل المواطنين، إن لم أقل جميعهم دون استثناء، اللهم الحكومة طبعا التي تقول “كولشي زين وكولشي فرحان”.


فزيارة الوزير يجب ألا تكون الأولى والأخيرة، بل تكون هي البداية لزيارات أخرى عاجلة وآنية. والاختلالات التي تحدث عنها وزير الصحة والحماية الاجتماعية، ستجدها في عموم المستشفيات والمراكز الاستشفائية، أكيد سيجد غيابات، سيقف على من تقرر في حقه قرار المجلس التأديبي ولم يفعل، بل الأكثر من ذلك تم إقحامه قوة وترقيته. سيقف الوزير على انعدام المستلزمات الطبية والاستشفائية والعلاجية، سيقف على المحسوبية والزبونية، أقسام ومصالح يقدم لها كل شيء، وأخرى تكتب وتطلب ويقال لها “ليس هناك السيولة المالية”، أو “الإنتظار إلى حين”، متى؟ الله أعلم.
الامر الثاني المتعلق بالزيارة هي القرارات المعلن عنها، وهنا وجب الإشارة لأمر مهم وجوهري ودستوري، المسؤولية مرتبطة أساسا بالمحاسبة والمساءلة، وأظن أنه خلال تعيين أي مسؤول في منصب المسؤولية يتم تذكيره بهذا الأمر، خصوصا وأن المسؤولية هي تكليف وليس تشريف، والتكليف يكون دائما مرتبطا كما قلت بالمساءلة والمحاسبة.


وعلى حد قول الوزير أنه وقف على مجموعة من الاختلالات، الأمر الذي يستدعي تفعيل القانون في حق كل من تورط وكان سببا في هذه الاختلالات، فهل سيتم الاكتفاء بالإعفاء، أم سيعمل الوزير التهراوي على تفعيل المبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة؟
وعلاقة بالدستور، الحق في الصحة حق دستوري، لا يحتاج لوقفات ولا لمسيرات، ولا لوساطات أو استعمال الهواتف من أجل تقديم العلاج أو إجراء فحوصات. ومن واجب الحكومة أن تحرص كل الحرص على تفعيل هذا الحق الدستوري الذي وجب ألا يكون محط مزايدات سياسية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button