الذكاء الاصطناعي في الطب.. بين التطور البشري ورهان التوازن المهني

تواجه الممارسة الطبية الحديثة تحدياً محورياً يتمثل في تحقيق التوازن بين الاستفادة من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي وتجنب الاعتماد المفرط عليه الذي قد يؤدي إلى ضمور الكفاءات البشرية. هذا التحدي دفع خبراء في المجال إلى التحذير من المخاطر المحتملة، مع التأكيد على ضرورة دمج هذه التقنيات كأداة مساعدة لا كبديل للطبيب.
فوائد الذكاء الاصطناعي في الطب ومخاطر الاعتماد المفرط
يؤكد البروفيسور يونس أحلال أن الذكاء الاصطناعي بات حاضراً بقوة في مختلف جوانب الطب، من التشخيص المبكر للأمراض عبر تحليل الصور الطبية بدقة فائقة، إلى التخطيط العلاجي والجراحة الروبوتية. هذه التقنيات تقلل من الأخطاء وتسرّع عملية اتخاذ القرار.
ومع ذلك، يحذر كل من البروفيسور أحلال والبروفيسور يوسف الفقير من خطر الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، خاصة لدى الأطباء المبتدئين، مما قد يضعف مهاراتهم السريرية وقدراتهم على التفكير النقدي. وتشير دراسات حديثة إلى أن الاعتماد المستمر على هذه التقنيات قد يؤدي إلى تراجع قدرة الأطباء على التشخيص دونها.
انفتاح المغرب على الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة
يؤكد الخبيران أن المغرب بدأ يخطو خطوات مهمة نحو دمج الذكاء الاصطناعي في منظومته الصحية. فثمة وعي متزايد بأهمية هذه التقنيات، وهناك مشاريع تجريبية قائمة في مجالات متعددة مثل الأشعة، الأورام، وأمراض القلب. ويشير البروفيسور الفقير إلى أن القطاع الخاص يتبنى هذه التقنيات بسرعة، مدفوعاً بالمنافسة التكنولوجية.
ومع ذلك، لا يزال الانفتاح على هذه التقنيات حذراً في قطاعات أخرى من المهن الطبية، بسبب نقص التكوين وضعف الوعي بفوائدها.
مطالب لضمان مستقبل آمن للذكاء الاصطناعي الطبي
لضمان تحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي مع تجنب مخاطره، يدعو الخبراء إلى:
- وضع إطار قانوني وأخلاقي: لضمان حماية البيانات الطبية الحساسة واحترام السرية وموافقة المريض.
- إنشاء هيئة وطنية متخصصة: لتنظيم ومراقبة وتعزيز مختلف جوانب الصحة الرقمية، بالتعاون مع وزارة الصحة والهيئة العليا للصحة.
- برامج تعليم وتكوين مستمر: تهدف إلى تعريف الأطباء بإمكانيات الذكاء الاصطناعي وحدوده، وإعادة تأطير الأطباء الشباب لتبقى خبرتهم البشرية أساساً لعملهم.
في الختام، يرى الخبراء أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديداً بل فرصة لتحقيق تحول إيجابي في الرعاية الصحية بالمغرب، بشرط أن يتم دمجه بحكمة وتنظيم وإنسانية.



