الاقتصاد الفضي بالمغرب… بين طموح الاستثمار في الشيخوخة وتحديات الواقع

قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بوم الأربعاء فاتح اكتوبر بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص المسنين،تقريرا شاملا يقترح فيه إرساء نموذج جديد يسمى بـ “الاقتصاد الفضي” يهدف إلى تحويل التحديات المرتبطة بشيخوخة السكان إلى فرص اقتصادية واجتماعية بدل الاقتصار على التعامل مع كبار السن كفئة تحتاج للرعاية فقط.
إدماج كبار السن في سوق الشغل
من أبرز التوصيات تمكين كبار السن من مواصلة المساهمة في الدورة الاقتصادية عبر تكييف التكوين والتوظيف مع قدراتهم وخبراتهم.
والسماح بالجمع بين الأجر والمعاش بشكل كلي أو جزئي. إدخال تعديلات على مدونة الشغل والنظام الأساسي للوظيفة العمومية لاعتماد صيغ عمل مرنة (العمل الجزئي-الاستشارة-العمل عن بعد ).
تحفيز المقاولات والاستثمار في الخبرة
أوصى المجلس بسن تحفيزات ضريبية للشركات التي تشغل أو تحتفظ بالعاملين المسنين ومواكبة مبادراتهم المقاولاتية بدعم خاص وتسهيل الولوج إلى التمويل.كما اقترح إحداث منصة وطنية للخبرات تجمع كفاءات هذه الفئة خاصة من مغاربة العالم وتتيح شبكات متخصصة حسب المجالات.
الاقتصاد الفضي كرافعة للنمو
يرى المجلس أن الاقتصاد الفضي يمكن أن يتحول إلى قطاع اقتصادي جديد يقوم على دمج الطلب الاستهلاكي للمسنين (الصحة-السياحة-الترفيه)و تعزيز الخدمات الاجتماعية والرعائية الموزعة بعدالة بين الجهات مع تطوير منتجات وخدمات ملائمة لهذه الفئة بما يسهم في خلق فرص شغل جديدة.
الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية
من أجل ضمان كرامة المسنين أوصى التقرير بـ : رفع المعاشات بما يغطي تكاليف المعيشة.
– ملاءمة التغطية الصحية مع خصوصياتهم.
– إدماج خدمات الرعاية المنزلية وتغطية المساعدة اليومية من طرف ممرضين مؤهلين.
إطار وطني للشيخوخة النشيطة
أكد التقرير على ضرورة تسريع تنفيذ خطة العمل الوطنية للنهوض بالشيخوخة النشيطة 2023-2030 واعتماد قانون إطار يحدد التوجهات الكبرى للسياسات العمومية الموجهة لهذه الفئة.
التحديات القائمة أمام المغرب
رغم الطابع الطموح لهذا النموذج،إلا أن تنزيله في السياق المغربي قد يواجه عدة صعوبات أبرزها
1- ضعف أنظمة التقاعد التي لا تشمل كل فئات المجتمع حيث ما يزال جزء كبير من الساكنة النشيطة خارج التغطية.
2-محدودية التغطية الصحية،خاصة في العالم القروي مما يعيق توفير خدمات متخصصة للمسنين.
3- تفاوت جهوي حاد في البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية قد يؤدي إلى تركز الاستثمارات في المدن الكبرى فقط.
4-ثقافة اجتماعية تقليدية ما تزال تختزل كبار السن في فئة تعتمد على الرعاية مما يتطلب تغيير العقليات وتثمين خبراتهم.
5- ضعف التنسيق بين السياسات العمومية (التشغيل-الصحة-السكن-النقل) مما قد يؤخر فعالية النموذج الجديد.
مقارنة دولية
في أوروبا مثلا أصبح الاقتصاد الفضي قطاعا اقتصاديا قائما بذاته يساهم بنسبة مهمة في الناتج الداخلي الخام خاصة عبر الصناعات الصحية والسياحة الموجهة لكبار السن.غير أن هذه النماذج تستند إلى أنظمة حماية اجتماعية قوية وبنيات تحتية متطورة وهو ما يشكل تحديا إضافيا أمام المغرب.
رؤية المجلس
شدد رئيس المجلس،عبد القادر اعمارة على أن “المطلوب اليوم هو الانتقال من مقاربة الرعاية إلى مقاربة الاستثمار في خبرات كبار السن” معتبرا أن شيخوخة السكان ليست تهديدا بل فرصة لإعادة التفكير في النموذج الاقتصادي والاجتماعي للمغرب.



