دينامية الإصلاح والتعاون تعزز حضور المملكة داخلياً ودولياً

تتواصل دينامية الحراك الوطني بمختلف تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في مشهد يعكس نبض مؤسسات الدولة واهتمامها المتعدد القضايا التي تهم المواطن، من تدبير الزمن اليومي إلى تعزيز الأمن الداخلي والانفتاح الاستثماري والديبلوماسي. عناوين هذا الصباح ترسم لوحة مغربية متكاملة، تسير بثبات نحو مزيد من الحكامة والانفتاح والفاعلية.
البداية من الشأن التشريعي، حيث عادت المطالب البرلمانية لتؤكد ضرورة حسم الحكومة في موضوع التوقيت الرسمي للمملكة، في وقت تتجه فيه دول الاتحاد الأوروبي نحو إلغاء نظام الساعة الإضافية نهائياً. هذا الملف الذي ظل يثير نقاشاً مجتمعياً واسعاً، بات يتطلب رؤية واضحة تراعي الخصوصية الجغرافية للمغرب وانعكاسات هذا النظام على الحياة اليومية للمواطنين، خصوصاً في ما يتعلق بالتعليم والإنتاج والعمل الإداري.
وفي المجال الأمني، شهدت العاصمة الرباط توقيع اتفاقية شراكة بين المديرية العامة للأمن الوطني وتجمع شركات التأمين الفرنسية، تهدف إلى تعزيز التعاون التقني في مجال البحث والتعقب واسترجاع المركبات المسروقة. الاتفاقية نصّت على إنشاء قنوات اتصال رسمية ونقاط ارتكاز مشتركة لتيسير تبادل المعلومات وتطوير آليات التنسيق، ما يعكس انفتاح المؤسسة الأمنية المغربية على الشراكات الدولية ذات البعد العملي والتقني.
أما في الجانب الاقتصادي، فقد أكد مسؤول أمريكي رفيع أن منطقة الصحراء المغربية توفر فرصاً استثمارية كبيرة للشركات الأمريكية، مبرزاً أن المملكة رسخت موقعها كمنصة إقليمية للتجارة الدولية وبوابة نحو القارة الإفريقية. هذا التصريح يعيد التأكيد على ثقة الشركاء الاقتصاديين الدوليين في استقرار المغرب وجاذبيته الاستثمارية، خصوصاً في جهاته الجنوبية التي أصبحت فضاءً واعداً للتنمية.
وعلى مستوى العلاقات الإفريقية، بعث جلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة إعادة انتخابه، مجدداً متمنياته له بالتوفيق في مهامه ومتمنياً دوام الازدهار للشعب الإيفواري. وتندرج هذه البرقية في سياق السياسة الملكية الراسخة في دعم الشراكات الإفريقية القائمة على التعاون والتضامن المتبادل.
وفي الشأن الداخلي، تعمل وزارة الداخلية على إعداد إصلاح شامل لمكاتب حفظ الصحة عبر إطار قانوني وتنظيمي موحد، يهدف إلى تحديث هذه المرافق الحيوية وتعزيز حكامتها وفعاليتها في حماية الصحة العامة. الإصلاح الجديد يروم توحيد الممارسات المحلية وضمان استجابة هذه المكاتب لمعايير الوقاية الحديثة والمستجدات الصحية.
وفي محور التحولات الاجتماعية، كشفت معطيات رسمية أن الهجرة الداخلية بالمغرب لم تعد حركة ظرفية بل تحولت إلى ظاهرة بنيوية ذات أثر مباشر على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية والمجالية. المرحلة الجديدة التي يعيشها المغرب تتسم بانخفاض وتيرة الهجرة الكمية مقابل بروز أبعاد نوعية أكثر ارتباطاً بتغير السلوكيات والتطلعات الفردية في ظل تحولات المجتمع.
أما على صعيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، فقد انعقد بالرباط الاجتماع السنوي الثاني عشر للجنة البرلمانية المشتركة المغربية – الأوروبية، حيث ناقش الطرفان قضايا الأمن والتنمية في منطقة الساحل. وقد جرى التأكيد على ضرورة تبني مقاربة شمولية توازن بين متطلبات الاستقرار ومشاريع التنمية والاندماج الإقليمي في مواجهة التحديات المتصاعدة بالمنطقة.
وفي الإطار الدبلوماسي ذاته، بعث جلالة الملك برقية تهنئة إلى رئيس جمهورية الكاميرون بمناسبة إعادة انتخابه، تأكيداً على متانة العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين. كما أعلنت جمهورية باراغواي عن تجسيد اعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء من خلال فتح قنصلية عامة، معربة عن دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة سنة 2007 كحل واقعي وجاد للنزاع الإقليمي.
وفي الجانب القضائي، أكدت رئاسة النيابة العامة احترام جميع ضمانات المحاكمة العادلة في القضايا المرتبطة بأحداث العنف الأخيرة التي صاحبت مظاهرات غير مرخص بها، مشددة على أن الأحكام صدرت في آجال معقولة ووفق الضوابط القانونية.
كما تمت المصادقة على مشروع قانون تنظيمي جديد يحدد الفئات الممنوعة من الترشح في انتخابات سنة 2026، ويؤسس لنظام إلكتروني حديث لتقديم التصريحات بالترشيح. المشروع يمنع الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام نهائية أو قرارات بالعزل من الترشح، في خطوة تروم تعزيز نزاهة العملية الانتخابية المقبلة.
وفي سياق دعم الوحدة الترابية، جدد برلمان أمريكا الوسطى تأييده لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، معتبراً إياها الأساس الواقعي والجاد لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وهو موقف يعزز الحضور الدبلوماسي المتنامي للمغرب في القارة الأمريكية.
اقتصادياً، تتواصل جهود تحديث قطاع الصيد البحري عبر تطوير أسواق الجملة للأسماك. وتشرف السلطات المختصة على شبكة تضم 72 سوقاً، منها 14 من الجيل الجديد، باستثمار إجمالي يناهز 635 مليون درهم، إلى جانب تجهيز آلاف القوارب التقليدية بصناديق تبريد حديثة للحفاظ على جودة المنتوجات وتحسين ظروف تسويقها.
وفي تقرير اقتصادي دولي حديث، حافظ المغرب على مكانته كإحدى أبرز الوجهات الاستثمارية في القارة الإفريقية، محتلاً المرتبة الخامسة في مؤشر “Where to Invest in Africa”. ويعزى هذا التقدم إلى استقراره الاقتصادي ومرونة مناخ الأعمال، ما يجعل المملكة نموذجاً للاستقرار والفرص في محيط إقليمي متغير.
تختزل هذه العناوين صورة مغرب يتحرك بثقة في اتجاه تعزيز الإصلاح الداخلي، وترسيخ التعاون الدولي، وتثبيت موقعه كفاعل استراتيجي إقليمياً ودولياً. صباح وطني جديد، يترجم إرادة مؤسساتية متواصلة نحو التنمية المستدامة، ويؤكد أن المغرب يواصل بناء مستقبله بخطى واثقة ورؤية واضحة.



