المغرب مرشح بارز لعضوية دائمة بمجلس الأمن: طموح دولي يثير القلق الإقليمي

في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية والسعي نحو إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة،يبرز المغرب كواحد من أهم المرشحين الأفارقة لشغل مقعد دائم في هذا الجهاز الأممي،وهو ما يراه بعض المراقبين خطوة تعكس مكانة المملكة على الساحة الدولية،لكنه يثير أيضا حفيظة بعض الأطراف الإقليمية،وعلى رأسها الجزائر.
دور المغرب في المشهد الدولي
لطالما لعب المغرب دورا محوريا في تعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.من خلال مساهماته البارزة في محاربة الإرهاب،وإرساء قواعد السلم في القارة الإفريقية، فضلا عن انخراطه الفعال في مواجهة التحديات العالمية كالتغير المناخي والتنمية المستدامة،أثبت المغرب نفسه كدولة ذات تأثير متزايد في السياسة الدولية.
كما يعد المغرب من بين الدول الإفريقية الأكثر انفتاحا على العالم، بفضل دبلوماسيته النشطة التي قادته إلى إقامة علاقات قوية ومتوازنة مع مختلف القوى الكبرى،وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.وقد تعززت هذه العلاقات خلال فترة رئاسة دونالد ترامب،حيث اعترفت واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء،مما شكل دفعة نوعية للشراكة بين البلدين.
إصلاح مجلس الأمن وإدماج إفريقيا
تتزايد المطالب الدولية لإصلاح مجلس الأمن ليعكس التغيرات الجيوسياسية الحاصلة منذ تأسيسه. ويتركز النقاش حول إدماج دول إفريقية ودول نامية في العضوية الدائمة للمجلس،وهو مطلب طالما نادت به العديد من الدول الإفريقية، إلى جانب دعم شخصيات دولية بارزة،مثل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،الذي أكد على ضرورة إنهاء “الظلم التاريخي” الذي تعرضت له القارة السمراء.
في هذا السياق،صرحت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة،ليندا توماس غرينفيلد بدعم واشنطن لتخصيص مقعدين دائمين لدول إفريقية في المجلس.ويعد المغرب أحد أبرز المرشحين لشغل هذا المنصب بفضل قوته الدبلوماسيةوشبكة علاقاته المتشعبة، ومساهماته في القضايا الإقليمية والدولية.
المغرب مقابل الجزائر: تنافس إقليمي متجدد
يثير ترشح المغرب المحتمل قلقا كبيرا لدى الجزائر،التي تسعى أيضا إلى تعزيز نفوذها الدولي.وبينما يعاني النظام الجزائري من أزمات داخلية وضعف في التحرك الدولي،يواصل المغرب حصد الدعم الإقليمي والدولي.
ويمكن اعتبار هذا التنافس امتدادا للخلافات التاريخية بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية،حيث تسعى الجزائر لدعم جبهة البوليساريو،بينما حصل المغرب على اعترافات دولية متزايدة بسيادته على المنطقة.
من جهة أخرى،ترى الجزائر أن ترشح المغرب لعضوية دائمة في مجلس الأمن يعد تهديدا لمصالحها في المنطقة،مما قد يدفعها إلى محاولة عرقلة هذا المسعى عبر دعم توجهات مناهضة في المحافل الإقليمية والدولية.
فرص المغرب وتحدياته
يعزز المغرب موقفه من خلال عوامل متعددة،من بينها:
1-الدعم الأمريكي: يعد التقارب المغربي الأمريكي،الذي تعزز خلال فترة ترامب واستمر مع إدارة بايدن أحد أهم أوراق القوة.
2- الاستقرار السياسي والاقتصادي: مقارنة بدول إفريقية أخرى،يتمتع المغرب بمستوى عال من الاستقرار السياسي والاقتصادي،ما يجعله مرشحا مناسبا لتمثيل القارة.
3- التأثير الدبلوماسي: بفضل سياساته النشطة،استطاع المغرب بناء شبكة تحالفات واسعة مع دول إفريقية وأوروبية وآسيوية،مما يعزز موقفه كمرشح قوي.
4- الالتزام بالقضايا العالمية: مشاركة المغرب في قضايا مثل تغير المناخ والهجرة والتنمية المستدامة تمنحه مصداقية دولية إضافية.
التحديات
رغم هذه الفرص،قد تواجه المملكة تحديات تتعلق بمواقف دول منافسة مثل الجزائر وجنوب إفريقيا،التي قد تسعى لعرقلة ترشح المغرب لصالح دول أخرى.كما أن عملية إصلاح مجلس الأمن بحد ذاتها تتطلب توافقا دوليا واسعا ما قد يبطئ تنفيذ هذه الإصلاحات.
مستقبل الدور المغربي
إذا ما تمكن المغرب من الحصول على دعم كاف لترشحه،فإن ذلك سيمثل نقلة نوعية لموقعه الدولي،ويعزز دوره كوسيط وشريك أساسي في معالجة القضايا الدولية الكبرى.
وفي الوقت نفسه،يشكل هذا الترشح فرصة لإفريقيا لتكون أكثر تمثيلا في أجهزة صنع القرار الأممية،في خطوة قد تعيد التوازن للنظام الدولي وتحقق قدرا أكبر من العدالة في التمثيل.



