عُقوقُ وليّ الأمر… حين ترتدي الخيانة عباءة الوطنية

بقلم الاستاذ: مولاي الحسن بنسيدي علي
في المجالس يتصدرون، ينفخون صدورهم كأنما يحملون أثقال الأمة، يرطنون بلغة الكبار، ويتمشدقون بالقيم، يلوكون مفردات “الغيرة الوطنية” كما يلوك الجائع طيف الطعام. لا يُطأطئون إلا لذواتهم، ولا يُحبّون إلا أنفسهم. أكثرهم يتغنّى بأنه من نسل المجاهدين، وبأن جده مات في سبيل الوطن، ولكنك إن فتشت في سيرتهم، وجدتهم من سلالة المتخاذلين، وذُرية من باعوا الوطن بثمن بخس.
يدعوهم الوطن إلى خدمة، إلى بذل، إلى وقفة قد ترفعهم لو لبّوا، فيُعرضون، يلوذون بالصمت، أو يتذرّعون بالانشغال، وكأن حب الوطن عندهم موسمي، لا يظهر إلا حين تتهيأ الكاميرات وتُفرش المنصات.
وحين تمر العاصفة، وتنقشع سحابة المحنة، يُبادرون إلى الصفوف الأمامية، يتحدثون، يُفتون، يُنظّرون… يتحدّثون في الاقتصاد كأنهم خبراء، وفي الفقه كأنهم فقهاء، وفي الوطنية كأنهم من صاغوها. يتقنون لعبة الخطابة، ويجهلون فن التضحية.
سألت أحدهم في بساطة: “بكم اشتريت أضحيتك هذا العام؟” فردّ، وهو ينفث دخان زهوه: “اشتريت اثنتين: الأولى مذبوحة، والثانية حيّة، بستة آلاف درهم.” ابتسمت ساخرًا، وقلت: “إن لم تستحِ، فاشترِ ما شئت… أيها العاق لوليّ أمرك. وفي العام المقبل، لن يردعك حياء عن شراء الخروف بعشرة آلاف، ما دامت الكرشة تباع بألف!”
هؤلاء هم صدى زمن مكسور. آباؤهم دسّوا الأحرار في السجون، وتسلّقوا هم على أكتاف الخيبة، وحين اغتسل التاريخ من غدرهم، أعادوا الكَرّة، بنفس الكذب، بنفس الأقنعة.
ومن شابه أباه، فما ظلم.
…



