Hot eventsأخبارأخبار سريعةصحافة وإعلام

عين الحدث الافريقي: من الداخلة إلى وجدة… المغرب يعزز ريادته الإفريقية بإصلاحات داخلية وشراكات دولية وإعلام يصنع التغيير

إعداد وتحرير : مصطفى بوريابة

في ظل تحولات دولية متسارعة وتحديات إقليمية متزايدة، يواصل المغرب تعزيز حضوره كقوة إقليمية صاعدة من خلال مسارات متعددة تجمع بين الرؤية الاستراتيجية، والمبادرات الميدانية، والانفتاح المتزن على العالم. فبينما تشهد الأقاليم الجنوبية دينامية تنموية متسارعة، تتعزز مكانة المملكة كمركز استثماري موثوق، وفاعل وازن في القارة الإفريقية، وشريك يحظى بثقة متزايدة في المحافل الدولية.

ويأتي في صلب هذه الدينامية حرص المغرب على تأهيل أقاليمه الجنوبية عبر استثمارات نوعية تُجسد مقاربة تنموية شاملة، أضحت نموذجاً يحتذى في محيطه الإقليمي. وتتجلى هذه الرؤية الطموحة أيضًا في مشاريع كبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يُعدّ جسراً استراتيجياً بين القارات، ويكرّس تموقع المغرب كقطب بحري ولوجيستي قارّي.

وفي الداخل، تُواصل الحكومة تنزيل أوراش إصلاحية تلامس قضايا استراتيجية، وعلى رأسها ورش إصلاح منظومة التقاعد، الذي يحظى بتوافق بين النقابات الأكثر تمثيلية وأرباب العمل، في أفق وضع تصور متكامل يراعي الاستدامة والحقوق المكتسبة. وعلى ذات النهج، تمضي السياسات الاجتماعية في تكريس الذاكرة الوطنية، حيث تحضر الذكرى الـ104 لمعركة أنوال المجيدة كرمز للكرامة والسيادة الوطنية، واستحضار لتضحيات أبطال الوطن ضد الاستعمار.

من جهة أخرى، لا يغيب البعد الإنساني والدولي عن الحضور المغربي، حيث تتواصل الجهود الميدانية في قطاع غزة، من خلال إيصال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر إلى العائلات المتضررة، في مشهد يعكس الالتزام الأخلاقي والإنساني تجاه قضايا الأمة. وفي الشأن الاقتصادي، تظهر مؤشرات ظرفية إيجابية، حيث سجّل مؤشر ثقة الأسر تحسنًا ملحوظًا، بالتوازي مع ارتفاع واضح في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما يدل على جاذبية الاقتصاد الوطني واستعادته لعافيته بثقة متزايدة من المستثمرين الدوليين.

ويتجسد هذا التوجه كذلك في اتفاقات دولية جديدة، ترمي إلى دعم التنمية في إفريقيا، من خلال تفعيل منصات تعليمية وعلمية وثقافية، تؤكد على التوجه التضامني للمغرب مع محيطه الإفريقي، وعلى الإرادة المشتركة لبناء مستقبل تنموي مشترك. وفي هذا السياق، تعزز المملكة تموقعها كوجهة مفضلة للاستثمار الأجنبي، خصوصًا في قطاعات حيوية كصناعة السيارات والسياحة، التي شهدت تطورًا ملموسًا على مستوى المداخيل وخلق فرص الشغل.

وفي المجال الحقوقي، تُرسخ المملكة تعاونها جنوب-جنوب من خلال توقيع بروتوكولات لتعزيز القدرات وتبادل التجارب في مجال حقوق الإنسان، إلى جانب تفعيل القوانين الجديدة المتعلقة بالعقوبات البديلة، والتي تدخل حيز التنفيذ قريبًا في إطار إصلاح شامل للعدالة الجنائية يوازن بين الردع وإعادة الإدماج. كما تتعزز الشراكات الاستراتيجية في التمويل الأخضر، من خلال ضخ موارد مهمة في دعم الاقتصاد البيئي والانتقال الطاقي.

وفي سياق التفاعل المتنامي بين المغرب وعمقه الإفريقي، شهدت مدينة وجدة تنظيم ندوة علمية كبرى بعنوان “الإعلام والتحول في إفريقيا: من نقل الأخبار إلى صناعة التغيير”، شكلت محطة نوعية في التفكير الجماعي حول مستقبل الإعلام في القارة.

الحدث، الذي جمع نخبة من الخبراء، الجامعيين، والمهنيين، تميز بنقاش عميق حول رهانات الذكاء الاصطناعي، ومحاربة الأخبار الزائفة، وتعزيز دور الصحافة في التنمية.

وأسفرت أشغال الندوة عن توقيع اتفاقية استراتيجية بين أكاديمية المستقبل وشبكة محرري الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ تعزز التعاون جنوب-جنوب في مجال التكوين الإعلامي، مع توصيات قوية بأهمية بناء إعلام إفريقي مؤثر، مستقل، ومندمج في التحولات الرقمية. نجاح هذه المبادرة العلمية يؤكد قدرة النخب الجامعية والإعلامية بالمغرب على ريادة النقاشات الجادة بشأن مستقبل القارة.

وتواصل المؤسسات الوطنية تعزيز دور الإعلام كمكون ديمقراطي، حيث جرى الاحتفاء بالصحافة البرلمانية في حفل يجسد التقاء العمل التشريعي بالممارسة الإعلامية، بما يخدم الشفافية والمشاركة المواطنة. كما لا تغيب البعد الروحي والدبلوماسي، إذ تكرّس خطب وتوجيهات جلالة الملك مرجعية قيمية يُستشهد بها في ندوات دولية من أجل ترسيخ السلم والتعايش في إفريقيا، في وقت تتعمق فيه الشراكة المغربية مع محيطها الإفريقي والبلدان الصديقة.

أما في المشهد الرياضي، فيواصل المغرب حصد الاعتراف الدولي، بعدما أصبح مركزاً عالمياً لكرة القدم، بشهادة أعلى هرم المؤسسة الكروية، وذلك بفضل المواهب الوطنية، وحسن تنظيم البطولات، والاستثمارات الموجّهة إلى تطوير البنية التحتية والاحتراف الرياضي.

إن المغرب، وهو يعزز مكانته كفاعل استراتيجي إقليمي، يبرهن مرة أخرى على أن الإصلاح الداخلي، والانفتاح الخارجي، وحضور القيم الإنسانية في السياسة العمومية، تشكّل ثلاثية تنسج مساراً استثنائياً نحو المستقبل، عنوانه: الاستقرار، التنمية، والتأثير الهادئ.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button