أخبارالرئيسيةفي الصميم

رجاء التوبي تكتب..حين يُبعث الطغيان من رماده

في كل عصر، لا بد أن يخرج من بين الركام وجهٌ جديد للطغيان، يُعيد مشاهد القهر، ويرفع صوته كأنما لم تمرّ على الأرض فراعنة ولا هامات، ولا دهستها أقدام الجبروت من قبل.

هذا المتجبر الذي يتحينني ، لا يختلف عن فرعون الذي قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ﴾ [النازعات: 24]،كلاهما يعاني الوهم نفسه: وهم الخلود، والسيطرة، والعظمة الزائفة.

يختبئ خلف جدرانٍ من الرعب، ويُحكم قبضته على رقاب الناس، كأنّ في القمع حياة، وفي الإذلال نظامًا.يُحاط بجوقة من المنتفعين، يسبّحون بحمده صباحًا ومساء، ويزيّنون له الباطل كما فعل هامان، الذي بنى للباطل صرحًا شاهقًا، قبل أن يسقط تحته مدفونًا بالخزي.

لقد أنبأنا الله عنهم في محكم كتابه:> ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ٱبْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ ٱلْأَسْبَٰبَ﴾ [غافر: 36]﴿فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلْآخِرَةِ وَٱلْأُولَىٰ﴾ [النازعات: 25]هو لا يحكم، بل يجلد. لا يقود، بل يسوق. لا يبني، بل يهدم القيم والأخلاق والكرامة.

يخاف الكلمة الحرة أكثر مما يخاف العدو، ويخشى الصدق أكثر مما يخشى السلاح. يتغنى بالوطن، وهو أول من باعه في سوق المنافع.

يتحدث عن الأمن، وهو أول من يزرع الخوف في الطرقات.كم يشبه ظلمة القرون الغابرة، الذين أحرقوا القرى فوق ساكنيها، وساقوا الأحرار إلى المقاصل، لمجرد أنهم قالوا “لا”.

يظن أنه مختلف، لكنه لا يرى أنه يسير على نفس الخطى، نحو ذات المصير.> ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ [القصص: 4]﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِي ٱلْيَمِّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ﴾ [القصص: 40]التاريخ لا يحفظ لهؤلاء تمثالًا، بل يحفر أسماءهم في جدران العار.

سيتذكرك الناس لا كمن خدم، بل كمن خان، لا كمن رفع راية، بل كمن داسها. ستمرّ كما مرّ من قبلك، وستُروى حكايتك لا لتُخلَّد، بل لتُلعن.> ﴿وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 140]﴿إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ﴾ [يوسف: 52]هنا، من بين أنقاض العدل، وُلد طاغية جديد… لكنه ليس الأول، ولن يكون الأخير.

وكما سقط فرعون، وهامان، ونيرون، والحجاج، وغيرهم من الذين اغترّوا بقوتهم، فإن السقوط قادم لا محالة،> ﴿وَسَيَعْلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: 227]

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button