Hot eventsأخبارأخبار سريعةقضاء وقانون

قانون جديد يعيد الثقة إلى الشيك التجاري ويحدث تحولا في المعاملات المالية بالمغرب


صادق مجلس الحكومة يوم الخميس 09اكتوبر على مشروع القانون رقم 71.24 بتغيير وتتميم القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة الذي قدمه عبد اللطيف وهبي وزير العدل في إطار التوجهات الاستراتيجية للمملكة نحو تحديث الإطار القانوني المنظم للمعاملات المالية والتجارية وتعزيز الثقة في وسائل الأداء.

وأوضح مصطفى بايتاس،الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة خلال الندوة الصحفية التي تلت الاجتماع الأسبوعي للمجلس،أن هذا المشروع يأتي لمعالجة إشكالية إصدار الشيكات بدون رصيد،لما لها من انعكاسات اقتصادية واجتماعية خطيرة تمس مصداقية المعاملات التجارية وتؤثر على ثقة الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين في النظام المالي.

وأشار بايتاس إلى أن القانون الجديد يدخل تعديلات جوهرية على الكتاب الثالث من مدونة التجارة ويهدف إلى تعزيز المرونة القانونية وتشجيع المخالفين على تسوية وضعياتهم عبر أداء مساهمة إبرائية مرتبطة بالغرامات المالية بدل المتابعات القضائية مما سيساهم في تقليص الضغط على المحاكم وتسريع وتيرة المعاملات المالية داخل المنظومة الاقتصادية.

وينتظر أن يُسهمع هذا الإصلاح في تحسين مناخ الأعمال بالمغرب وجعل الشيك أداة أداء موثوقة وآمنة من جديد،بعد أن فقد جزءا من مكانته بسبب انتشار ظاهرة “الشيكات بدون رصيد” التي طالما شكلت هاجسا قانونيا للمقاولات الصغيرة والمتوسطة وعرقلت العديد من المبادلات التجارية.

ويأتي هذا التعديل في سياق جهود المملكة لمواكبة التطورات الاقتصادية والرقمية وتنزيل التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بتعزيز الشفافية والنجاعة في المعاملات التجارية إلى جانب الاستراتيجية الوطنية لإصلاح العدالة التي تضع ضمن أولوياتها تبسيط المساطر وتحسين الأمن التعاقدي،بما يتماشى مع رؤية المغرب لجذب الاستثمارات ودعم المقاولات المواطنة.

ويرى متتبعون أن هذا القانون سيساهم في إعادة الثقة في الشيك كأداة أساسية في التجارة الداخلية وسيفتح المجال أمام مقاربة تصالحية جديدة قائمة على التحفيز بدل العقاب،مما سيعيد التوازن بين حماية الدائنين وتشجيع المدينين على تسوية التزاماتهم طوعا في انسجام مع فلسفة القانون التجاري العصري القائم على مرونة الأداء وثقافة المسؤولية.

قراءة تحليلية: أثر القانون على البنوك والمقاولات الصغيرة

من المنتظر أن يكون لهذا القانون أثر مباشر على القطاع البنكي والمقاولات الصغرى والمتوسطة،إذ سيساهم في تقليص نسب الشيكات غير المؤداة وتحسين العلاقة بين الزبائن والبنوك عبر إدخال آليات أكثر مرونة في تسوية النزاعات.كما سيمكن المؤسسات البنكية من استعادة ثقة المتعاملين وتوسيع قاعدة الائتمان التجاري،خاصة وأن الشيك يمثل إحدى أهم وسائل الدفع في التجارة الداخلية.

في المقابل،من المتوقع أن يحفز هذا الإطار الجديد المقاولات الصغيرة على الاندماج المالي الرسمي، بعد أن كانت تتجنب التعامل بالشيكات خوفا من المتابعات القضائية الصارمة.
وبذلك، يشكل القانون خطوة نوعية نحو اقتصاد أكثر شفافية وثقة يوازن بين حماية الحقوق وتشجيع روح المقاولة والاستثمار المسؤول.

خلفية إعداد المشروع: من الإصلاح القضائي إلى التحديث الاقتصادي

يأتي إعداد هذا القانون في إطار مسار إصلاحي شامل لمنظومة العدالة التجارية أطلقته وزارة العدل بتنسيق مع بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية من أجل تحيين التشريعات المرتبطة بوسائل الأداء وتكييفها مع التحولات الاقتصادية الحديثة.
وقد جاءت هذه المبادرة بعد تقييم وطني لظاهرة الشيكات بدون رصيد التي كشفت عن ارتفاع عدد الحالات المسجلة سنويا وتأثيرها السلبي على مناخ الأعمال،مما استدعى اعتماد مقاربة جديدة تقوم على الوساطة القانونية والتسوية المالية بدل العقوبات الزجرية وحدها.

ويمثل هذا المشروع،بحسب خبراء القانون والاقتصاد حلقة جديدة في مسار التحديث الاقتصادي المغربي الذي يروم تعزيز الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين وتكريس أمن المعاملات التجارية باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button