أخبارالرئيسيةثقافة و فنجهات المملكة

مهرجان فاس للثقافة الصوفية يضع الإنسان في قلب البحث العلمي والتكنولوجي من منظور روحي

يستعد مهرجان فاس للثقافة الصوفية لإطلاق دورته الـ17 في الفترة من 18 إلى 25 أكتوبر الجاري، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس. ويأتي هذا الحدث الثقافي البارز، الذي أسسه الدكتور فوزي الصقيلي، رئيس المهرجان، تحت شعار “العيش شعرياً.. الفن والروحانية”، ليجمع بين التراث الصوفي والفنون والروحانيات في مدينة فاس التاريخية، التي تُعتبر مهد الحضارة الإسلامية والصوفية.

في افتتاحية المهرجان، التي حملت عنوان “شعرية العيش في ظل روحانية المكان”، يستعرض الصقيلي، وهو عالم أنثروبولوجيا ومتخصص في التصوف، أبعاداً فلسفية عميقة تربط بين الشعرية والروحانية. وفقاً للبيان الافتتاحي، يعود مصطلح “البويطيقا” إلى المرجعية الإغريقية، حيث يشير إلى الإلهام الخلاق الذي يلقي بظلاله على تفسير الوجود اليومي في مجالات الفن والفكر والحياة. أما في السياق الصوفي، فيعني “التجلي” تفاعلاً بين الوعي الروحي والرؤية الباطنية، مما يرفع الشيء من حالة الاختفاء إلى حالة الانكشاف.

يستلهم الصقيلي أفكار المفكر الفرنسي إدغار موران، الذي يضعنا في قلب “يوتوبيا دافئة” مليئة بالتعقيدات الإنسانية، حيث تتنامى الحرية أمام طاقة بشرية ملتبسة تجمع بين العقل والوجدان، والمنطق والأسطورة. كما يستذكر الشيخ الأكبر ابن عربي، الصوفي الأندلسي من القرن الثالث عشر الميلادي، الذي عاش تجربة التجلي الشخصية، مقتنعاً بأن هذه اليوتوبيا حقيقة ملموسة رغم طابعها التجريدي، حيث “تروحن الأجساد وتتجسد الأرواح”.

ويؤكد البيان أن هذا العالم الرمزي قادر على كشف أسراره لمن يمتلك القابلية لتلقي إشاراته الخفية، مما يؤدي إلى حالات من الدهشة والغبطة التي هي عتبات الشعري. وفي هذا السياق، يبرز دور مدينة فاس كمركز للإنصات إلى النداءات الروحية من عمق ذاكرتها التاريخية ومستقبلها الواعد، حيث تتعايش أزمنة المرئي واللامرئي في أبعاد أندلسية وكونية.

من المتوقع أن تشمل برمجة المهرجان، الذي يستمر ثمانية أيام، ندوات حوارية، ورش عمل، وعروض موسيقية صوفية، بالإضافة إلى مؤتمرات مجانية حول التصوف والحكم العالمية. ويأتي هذا التركيز على الجمالية والإبداع كوسيلة لمواجهة تحديات العصر، كما أشار الصقيلي في تصريحات سابقة، حيث يهدف المهرجان إلى تعزيز صورة إيجابية للإسلام من خلال التصوف.

وقد أكد منظمو المهرجان، في بيان صحفي حديث، أن الدورة ستشهد مشاركة شخصيات بارزة في مجالات الفكر والفن، مع التركيز على إعادة وضع الإنسان في قلب البحث العلمي والتكنولوجي من منظور روحي. ومع اقتراب موعد الافتتاح، تتزايد الترقبات لما سيحمله هذا الحدث من إلهام للزوار من مختلف أنحاء العالم، في مدينة تُعد رمزاً للتراث الروحي المغربي.

يُذكر أن مهرجان فاس للثقافة الصوفية، الذي انطلق عام 2007، يُعتبر امتداداً لمهرجان فاس للموسيقى الروحية العالمية، ويهدف إلى تعزيز الحوار بين الثقافات من خلال التصوف كجسر للسلام والتسامح

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button