حليمة الفيلالي أيقونة الطبخ التي غيّرت مطابخ المغرب العربي

من “دفتر الوصفات” إلى عرش “اليوتيوب” المغربي..
في المشهد الرقمي المتسارع، قلة من الشخصيات تتمكن من تجاوز الشهرة العابرة لتصبح مرجعاً موثوقاً في مجالها.
الشاف حليمة الفيلالي، سيدة مغربية من مدينة مكناس، هي واحدة من هؤلاء، حيث لم تعد مجرد “يوتيوبر” بل أصبحت أيقونة حقيقية للمطبخ المغربي والعربي، ومحور قناة “شهيوات داري” التي تعد واحدة من أضخم قنوات الطبخ في المنطقة.
على الرغم من دراستها للمحاسبة وطموحها الأولي في مجال التعليم، وجدت حليمة الفيلالي نفسها مدفوعة بشغف لا يلين تجاه فنون الطبخ. قصتها بدأت بـ”دفتر” بسيط، كانت تدون فيه مكونات وأسرار وصفاتها الناجحة، لضمان استمرارية نجاحها.
بتحفيز من صديقاتها، قررت حليمة أن تنقل هذا الدفتر السري إلى العالم الرقمي. وفي عام 2015، أطلقت قناتها على يوتيوب تحت اسم “cuisine Halima Filali شهيوات داري”. وكانت انطلاقتها مدفوعة بفكرة بسيطة: تقديم الوصفات المغربية الأصيلة، بأبسط الطرق وأضمن النتائج.
خلال سنوات قليلة، تحولت القناة إلى ظاهرة. فاليوم، تجاوز عدد مشتركيها حاجز الـ 7 ملايين مشترك، لتصبح واحدة من القنوات الرائدة في المحتوى المغربي والعربي. هذا النجاح الكاسح لم يكن ليتحقق لولا الملايين من المشاهدات التي تتلقاها فيديوهاتها.
على سبيل المثال، حققت وصفة الشباكية المغربية التي قدمتها ما يزيد عن 22 مليون مشاهدة، بينما تجاوز فيديو عن طريقة تحضير البيتزا عتبة 16 مليون مشاهدة. هذه الأرقام تؤكد أن حليمة الفيلالي لم تقدم وصفات فحسب، بل قدمت ثقة وطريقة شرح سلسة جعلت منها “المطبخ المرجعي” لكل امرأة ورجل يرغب في إتقان طبق معين.يرجع سر نجاح حليمة الفيلالي إلى عدة عوامل:
- التركيز على الأصالة: تشتهر ببراعتها في تقديم “الشهيوات” المغربية التقليدية، التي يصعب إتقانها أحياناً، لكنها تبسطها بطريقة لا تفقدها جوهرها.
- الشرح المضمون: تُعرف بطريقتها الهادئة والواضحة في الشرح، وتزويد المشاهدين بـ”أسرار المهنة” التي تضمن نجاح الوصفة من أول تجربة.
- التنوع: إلى جانب المطبخ المغربي، تقدم حليمة وصفات عالمية، وحلويات اقتصادية، ومملحات سريعة، مما يلبي أذواق واحتياجات جميع الأسر.
لم يقتصر تأثير الشاف حليمة على العالم الرقمي. فقد كانت موهبتها معترفاً بها في المجال التلفزيوني؛ فازت بلقب الموسم الأول من برنامج “ماستر شيف” المغربي، مما منحها مصداقية إضافية كطباخة محترفة.
كما قدمت برنامجها التلفزيوني الخاص “وليمة مع حليمة” على القناة الثانية المغربية (2M)، الأمر الذي رسخ مكانتها كشخصية إعلامية مؤثرة تتخطى حدود الشاشات الصغيرة.
في حديثها عن مسيرتها، تشدد حليمة الفيلالي على أهمية التوازن بين الشغف والأسرة، مؤكدة أن الانتقال من مدينة لأخرى بعد الزواج قد يشكل تحدياً، لكنه لا يجب أن يكون عائقاً أمام تحقيق الذات. وهي ترى في دور الأم مسؤولية اجتماعية كبرى، وتعتبر أن نجاحها في الطبخ واليوتيوب هو امتداد لدورها في إسعاد عائلتها وخدمة مجتمعها.
لقد أثبتت حليمة الفيلالي أن الطبخ يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية أو مهنة؛ إنه منصة للتأثير والإلهام، حيث غيّرت طريقة تعامل ملايين الأسر العربية مع المطبخ، وجعلت من “شهيوات داري” دليلاً ضرورياً في كل بيت.



