Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين العقل

بهرجة المجالس المنتخبة… حين يتحول المنبر إلى ساحة صراع..!

بقلم الاستاذ:مولاي الحسن بنسيدي علي

من المؤسف حقًا أن يتحول الشأن العام، الذي أُريد له أن يكون ميدانًا للنقاش الراقي وخدمة المواطنين، إلى حلبة صراع تتطاير فيها الكلمات الجارحة، وتُرفع فيها الأصوات فوق حدود الاحترام، وتُقلب فيها الطاولات وتُكسَر الكراسي، وكأننا أمام مشهد تمثيلي رديء لا أمام مؤسسة تمثل إرادة الشعب.
لقد باتت بعض المجالس المنتخبة تعكس صورة معكوسة للفعل الديمقراطي، بعد أن أفرغت مضامينها من القيم التي بُنيت عليها: الحوار، التشاور، وتغليب المصلحة العامة. إذ حل محلّها منطق المكاسب الشخصية، والولاءات الضيقة، والمزايدات السياسية التي تُضحي بآمال الساكنة على مذبح الأنانية والمصالح الفردية.
إن المواطن الذي منح ثقته لهؤلاء المنتخبين، لم يفعل ذلك ليشهد مسرحيات عبثية تُنتهك فيها كرامة الكلمة، بل فعلها أملاً في تغيير الواقع وتحسين ظروف العيش. غير أن كثيرًا من الممارسات جعلت من قاعات الاجتماعات فضاءات للخصام لا للتخطيط، وللصراخ لا للحوار.
فمن يدفع الثمن في النهاية؟
إنها المصلحة العامة التي تُدفن تحت ركام المزايدات، والمواطن البسيط الذي يرى أحلامه تتبخر في زحمة التنازع على الكراسي والمناصب، بدل التنافس على الإنجاز والمشاريع التنموية.
أيها المنتخبون،
ما هكذا تُورد الإبل، ولا هكذا يُدار الشأن المحلي. أنتم مؤتمنون على الأمانة، لا أوصياء على الناس. فالوطن لا يحتاج إلى بهرجة ولا ضجيج، بل إلى عقول راجحة وضمائر حية تعرف أن المنصب تكليف لا تشريف، ومسؤولية لا غنيمة.
إن احترام المؤسسات يبدأ من احترام الكلمة، والارتقاء بالاختلاف إلى مستوى النقاش البناء، لا إلى مستوى الانفعال والتجريح. فالتاريخ لا يخلّد الصراخ، بل يذكر من خدموا بإخلاص، وبنوا بصدق، وتركوا وراءهم أثرًا طيبًا في نفوس الناس.
إن ما تشهده بعض المجالس من بهرجة وفوضى ليس سوى انعكاسٍ لأزمة أعمق، تتصل بضعف التأطير الحزبي، وغياب التكوين السياسي، وانعدام ثقافة الحوار الديمقراطي داخل التنظيمات نفسها.
فالأحزاب التي لا تُربي مناضليها على قيم النقاش، ولا تُؤهل مرشحيها بمبادئ التدبير الرشيد، تُفرز بالضرورة نخبًا عاجزة عن إدارة الخلاف بأسلوب حضاري.
وما لم تُراجع هذه الأحزاب أدوارها التأطيرية، وتُعيد الاعتبار لمفهوم المنتخب الملتزم والمسؤول، فسيظل المشهد المحلي رهين الفوضى والارتجال، وستبقى المجالس المنتخبة مجرد مسارح يتبارى فيها الصراخ بدل أن تُعزف فيها سيمفونية التنمية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button