الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة: اختلالات في تدبير الموارد البشرية و النقابة تصعّد

تتواصل حالة التوتر داخل الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، على خلفية ما تعتبره النقابة الأكثر تمثيلية بالمؤسسة “سوء تدبير لمديرية الموارد البشرية”، و تراكم اختلالات إدارية و مهنية، دفعتها إلى توجيه شكاية رسمية إلى الوكالة الوطنية للتسيير الاستراتيجي و تتبع نجاعة المؤسسات العمومية، من أجل فتح تحقيق إداري و مؤسساتي في هذه الوضعية.
و قد سجلت النقابة ما وصفته بـ”تعثرات مزمنة” في معالجة ملفات اجتماعية و مادية تستأثر باهتمام عدد كبير من العاملين، في مقدمتها تأخر صرف منح العمل الليلي و العطل المؤداة للعاملين بقاعات الإرسال، و هي فئة حيوية تشتغل في ظروف تقنية دقيقة و على مدار الساعة.
كما تطرقت الشكاية إلى ملف “احتساب الخدمات السابقة (الكاشي – الصالير)”، المصادق عليه في المجلس الإداري لسنة 2019، دون أن يتم تفعيله إلى حدود اليوم، بالإضافة إلى عدم تفعيل مؤسسة الأعمال الاجتماعية رغم استكمال المسطرة القانونية في مجلس 2022، و تحديد تاريخ انطلاق عملها في يناير 2023.
و تشير المعطيات المتوفرة إلى أن المديرية المعنية لم تتفاعل بالجدية اللازمة مع هذه الملفات، بل استمرّت في نهج التأجيل و عدم إعطاء الأولوية للمطالب الاجتماعية الأساسية، و هو ما تسبب في احتقان متصاعد وسط المستخدمين، و تآكل الثقة في إدارة الموارد البشرية.
من جهة أخرى، تفجّر أخيرًا ملف حساس يرتبط بـشبهة تضارب مصالح في إحدى مباريات التعيين بمناصب المسؤولية داخل مديرية البث، بعدما تم تسجيل مشاركة مسؤول إداري في لجنة انتقاء ترشحت لها زوجته، دون اتخاذ أي إجراءات تصحيحية، ما اعتُبر تجاوزًا لمبدأ الحياد و تكافؤ الفرص.
و على صعيد آخر، أثار بقاء المدير بالنيابة في منصبه داخل الشركة، رغم تعيينه رسميًا في مجلس حكومي بتاريخ 4 يوليوز 2024 كمدير للموارد البشرية و نظم المعلومات بوزارة الانتقال الطاقي، تساؤلات حول مدى مطابقة هذه الوضعية الإدارية لمقتضيات التنافي و تدبير مناصب المسؤولية.
و أمام هذا الوضع، أكدت المنظمة الديمقراطية للشغل أن غياب الفعالية و تراكم الأخطاء الإدارية يهددان استقرار المؤسسة و يُربكان ديناميتها، خاصة و أن الشركة مقبلة على تحولات استراتيجية ضمن مشروع الهولدينغ الإعلامي.
و قد دعت النقابة، في مراسلتها، إلى اتخاذ تدابير عاجلة لضمان الحوكمة السليمة، و احترام القوانين التنظيمية المؤطرة للمباريات و المسؤوليات، و ربط المسؤولية بالمحاسبة وفقًا لما ينص عليه دستور المملكة.
و يُنتظر أن تُحرك هذه الشكاية النقاش داخل المؤسسة حول ضرورة إعادة هيكلة إدارة الموارد البشرية، و تعيين مسؤولين قادرين على مواكبة متطلبات الإصلاح، و تكريس مبادئ الشفافية، العدالة، و التدبير الحديث للمرفق الإعلامي العمومي.



