أخبارالرئيسيةثقافة و فن

في السياق النقدي والأدبي المعاصر..الناقد المغربي محمد زغلال محمد نموذجا

بقلم/ القبطان عبد الله دكدوك
يندرج منشورنا اليوم ضمن سياق التأمل في واقع النقد الأدبي العربي المعاصر، وخاصة المغربي، من خلال تسليط الضوء على تجارب نقدية بعينها، وفي مقدمتها تجربة الناقد والأديب محمد زغلال محمد، الذي يُقدَّم في المنشور باعتباره نموذجا لما ينبغي أن يكون عليه الناقد من وعي معرفي، وحضور إنساني، ومساهمة فكرية جادة وملموسة.

  1. سياق المنشور وأبعاده النقدية
    الحديث عن النقد، كما ورد، ليس ترفا فكريا أو ممارسة هامشية، بل هو مقاربة منهجية تتقاطع فيها الأجناس الأدبية، وتتطلب أدوات معرفية ولسانية رصينة تجعل من اللغة وسيلة فعالة للقول النقدي المنتج، لا الناقل أو المكرر. وفي هذا السياق، يبرز الطرح الجوهري في المنشور: هل نقادنا في مستوى ما يُنتج؟ وهل إضافاتهم تمثل قيمة مضافة أم أنها مجرد محاولات متفرقة تكتب باسم النقد؟
    هنا يتقاطع النقد مع مسألة الأخلاق والقيم والسلوك النقدي، باعتبار أن الناقد ليس مجرد قارئ نخبوي، بل هو موجه للرؤية الفكرية والجمالية، ومساهم في بناء الأفق الثقافي. والكاتب يوضح أن الهدف من تسليط الضوء على بعض الأسماء النقدية ليس الإساءة أو التطاول، بل رصد التجارب بموضوعية، في أفق التزكية أو التأريخ المعرفي لها.
  2. الناقد محمد زغلال محمد: نموذج للنقد الفاعل
    في قلب هذه الرؤية النقدية، يبرز اسم الناقد محمد زغلال محمد، الذي يُقدَّم كصوت نقدي متفرد من مدينة سيدي سليمان. مساهماته لا تقتصر على الكتابة النقدية، بل تتعداها إلى الحضور الفعلي في البرامج الثقافية والندوات، ومنها مشاركته في برنامج “حديث الثلاثاء” الذي اقدمھ واعدھ تحت اشراف مؤسسة على صفحتي علم الدولية للابداع والمبدعين فكر ثقافة وعلوم بمدينة مكناس، بمشاركة أسماء وازنة في الساحة النقدية مثل محمد ادارغة، سعدية بالكارح، وفاطمة خلخال الشاعر ادريس لحمر وغيرھم
    وقد أجمع الحاضرون، حسب الحلقة، على أن محمد زغلال محمد يُعد حالة متفردة تتطور بسرعة، وتؤسس لنقد حديث يطرح الأسئلة العميقة حول الكتابة وغاياتها، لا بوصفه سلطة فوقية، بل وعيا متجذرا في السياقين الثقافي والإنساني.
  3. إشكالية النرجسية في المشهد النقدي
    من القضايا الجريئة التي يثيرها النص: ظاهرة النرجسية في المشهد النقدي. بعض من يقدَّمون أنفسهم كنقاد، حسب المنشور، يخلطون بين الحضور الثقافي والادعاء الفارغ، فلا يسهمون في تطوير الحقل النقدي، بل يكرسون الجمود والتكرار. وهذه الملاحظة تعكس وعيا نقديا داخليا يمارس بدوره نوعا من “نقد النقد”، وهي ممارسة ضرورية لتطهير المشهد من الزيف والسطحية.
  4. أهمية التوثيق وبناء الذاكرة الثقافية
    المنشور لا يكتفي بالاحتفاء، بل يسعى إلى تأسيس “خريطة” أو توثيق لذاكرة نقدية تسجل للتجارب الحقيقية، وتنأى عن التزييف أو النسيان. وهنا تأتي الإشارة إلى “الدليل الأنطولوجي على صفحتي علم نن الرقمي الى الورقي” كمشروع توثيقي، يحاول أن ينقل ما هو رقمي إلى الورقي، ويجعل من ثقافة الاعتراف مبدأ للعمل الثقافي.
  5. في سياق التاريخ النقدي المغربي والعربي
    للوضع في سياقه التاريخي، فإن النقد المغربي شهد تحولات عميقة منذ سبعينيات القرن الماضي، مع بروز أسماء مثل:
    محمد بنيس الذي ربط بين الشعر والنقد عبر مشاريع تجديدية.
    عبد الفتاح كيليطو الذي أعاد قراءة التراث بعيون حديثة.
    حسن بحراوي الذي اشتغل على الخطاب المسرحي والسردي.
    محمد مفتاح الذي زاوج بين البلاغة والتفكيك والتناص.
    عبد الله راجع في تأملات نقدية شعرية رائدة.
    وفي السياق العربي الأوسع، نجد تجارب نقدية معاصرة مثل:
    صبري حافظ في تحليل الخطاب الأدبي العربي.
    عبد الله الغذامي في نقد النسق الثقافي.
    جابر عصفور في استعادة دور التنوير والنقد الثقافي المؤسس.
    صلاح فضل في تأصيل الرؤية البنيوية والتداولية…
  6. خاتمة تحليلية
    ما يذهب إليه النص هو دعوة ضمنية لإعادة التفكير في وظيفة الناقد، ليس بوصفه حَكما أو سلطة، بل كوسيط بين النص والقارئ، بين الإبداع والمعنى. ومثال محمد زغلال محمد يؤكد أن النقد لا يُختزل في التنظير، بل يتمدد في السلوك، في التواصل، في أخلاق المثقف، وفي قدرة الناقد على جعل النص الأدبي مساحة تأمل إنساني وثقافي.
    النقد ليس صناعة فردية معزولة، بل مشروع تفاعلي ينمو بقدر ما تتكامل الرؤية والمنهج، ويتقدم بقدر ما يتحرر من النرجسية ويستند إلى العمل العلمي والاعتراف بالآخر.
    ملاحظة ختامية: هذا الننشور يمثل حلقة من حلقات بناء الذاكرة النقدية المغربية الحديثة، ويستحق أن يُدمج في الدراسات الأكاديمية كوثيقة تعكس رؤى وتجارب نقدية من قلب الحراك الثقافي المحلي.
    الابحار مستمر والتألق لا ضفاف له ..

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button