التصعيد الجزائري تجاه مناورات “شرقي 2025”.. خطاب عدائي يعكس أزمة داخلية متفاقمة

في خطوة جديدة تعكس حالة التوتر المتصاعد في المنطقة، أعربت الجزائر عن تنديدها الشديد بالمناورات العسكرية المشتركة بين المغرب وفرنسا، المزمع إجراؤها في شتنبر المقبل بمدينة الرشيدية، واعتبرتها “عملًا استفزازيًا” يهدد استقرارها. يأتي هذا في سياق تصعيد سياسي وإعلامي مستمر من النظام الجزائري تجاه المملكة المغربية، ما يثير تساؤلات حول خلفيات هذا الموقف وأبعاده الحقيقية.
● مناورات عسكرية في إطار التعاون الاستراتيجي
تمرين “شرقي 2025” ليس بالجديد، بل هو جزء من التعاون العسكري المعتاد بين المغرب وفرنسا، حيث تُنظّم مثل هذه التدريبات بشكل دوري لتعزيز التنسيق العسكري والتكتيكي بين البلدين. ومع ذلك، فإن البيان الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية هذه المرة اتسم بنبرة حادة، ما يعكس حساسية مفرطة تجاه أي تحرك مغربي-فرنسي على الحدود الشرقية للمملكة.
ووفقًا للمصادر الرسمية، تهدف هذه المناورات إلى تبادل الخبرات ورفع جاهزية القوات المسلحة، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة. غير أن الجزائر رأت في ذلك “استفزازًا”، محذرة من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى “تأجيج الأزمة” بين الجزائر وفرنسا، وتزيد من حدة التوتر في علاقاتها مع الرباط.
● خطاب عدائي يُخفي أزمات داخلية
يرى محللون أن التصعيد الجزائري تجاه هذه المناورات ليس سوى محاولة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية التي تعيشها البلاد. فالنظام الجزائري دأب على تبني خطاب عدائي تجاه المغرب، متهمًا إياه بـ”تهديد الأمن الإقليمي”، بينما تعاني الجزائر من اختناقات دبلوماسية واقتصادية واجتماعية متزايدة.
محمد الغيث ماء العينين، عضو المركز الدولي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أك أن “الجزائر تحاول باستمرار إعادة إنتاج خطاب العداء تجاه المغرب للتغطية على إخفاقاتها الداخلية”، مضيفًا أن “النظام الجزائري ما زال يؤمن بعقلية الحرب الباردة وحدود الاستعمار، في وقت تجاوز فيه العالم مثل هذه التوجهات”.
● التوتر المغربي-الجزائري: واقع مستمر
العلاقات المغربية-الجزائرية تشهد قطيعة دبلوماسية منذ 2021، حيث أغلقت الجزائر سفارتها في الرباط، واتهمت المغرب بـ”القيام بأعمال عدائية”. ورغم المبادرات المغربية المتكررة لتهدئة الأوضاع ومدّ يد الحوار، يواصل النظام الجزائري تبني خطاب تصعيدي يعمّق الفجوة بين البلدين.
وفي هذا السياق، يشير محمد نشطاوي، المحلل السياسي والباحث في الشؤون الدولية، إلى أن “التصعيد الجزائري يندرج ضمن استراتيجية إلهاء داخلية، تهدف إلى تصوير المغرب كعدو خارجي يهدد استقرار البلاد”، مضيفًا أن “النظام الجزائري يحاول تبرير إنفاقه العسكري الضخم وتعزيز سيطرة المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية”.
● رسائل مغربية واضحة
رغم التصعيد الجزائري، يواصل المغرب تبني سياسة الوضوح والانفتاح، مؤكدًا أن مناوراته العسكرية تدخل في إطار شراكاته الاستراتيجية مع حلفائه، ولا تستهدف أي طرف. كما يواصل المغرب تعزيز موقعه الدبلوماسي في القارة الإفريقية وعلى الساحة الدولية، ما يثير قلق النظام الجزائري الذي يجد نفسه معزولًا في مواجهة نجاحات الرباط.
يبقى التصعيد الجزائري تجاه مناورات “شرقي 2025” انعكاسًا لأزمة داخلية يحاول النظام العسكري تغطيتها بخطاب عدائي تجاه المغرب. وبينما يواصل المغرب تعزيز علاقاته الدولية وتقوية مكانته الإقليمية، تجد الجزائر نفسها غارقة في خطاب تآمري يبعدها أكثر عن فرص التعاون والاستقرار في المنطقة.



