Hot eventsأخبارأخبار سريعةالعالم

الاتحاد الأوروبي يدعو لإنشاء “جامعة متوسطية” كرمز للسلام والازدهار

الرباط، المغرب – دعت دبروفكا سويكا، المفوضة الأوروبية المكلفة بالمتوسط، إلى مبادرة طموحة تتمثل في إنشاء جامعة متوسطية. هذه الجامعة، حسب سويكا، ستكون بمثابة “مؤسسة مترابطة من الجامعات والتحالفات الأكاديمية على ضفتي البحر الأبيض المتوسط”، بهدف رئيسي هو “توحيد الطلاب والباحثين والثقافات من أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا”. وتؤكد سويكا أن هذا المشروع يتجاوز حدود التعليم ليشمل “بناء مستقبل مشترك” ويكون “رمزاً للشراكة والازدهار والسلام”.

– التعليم: جسر لتوحيد الشعوب في المتوسط
في عالم يتسم بالتشرذم والأزمات المتزايدة، يظل التعليم الأداة الأقوى لربط الصلة بين الناس. مع استعداد الاتحاد الأوروبي لإطلاق ميثاقه الجديد من أجل المتوسط، تضع القارة العجوز الإنسان، ولا سيما الشباب، في محور هذه المرحلة الجديدة من العلاقات الأورومتوسطية. فالتوحيد الذي يحققه التعليم لا يقل أهمية عن تعزيز العمل المشترك في المجالات الاقتصادية والسياسية، مثل الطاقات المتجددة، التخفيف من حدة تغير المناخ، الاتصال الرقمي، الهجرة، والأمن.

لطالما كان البحر الأبيض المتوسط بوتقة تنصهر فيها الحضارات وفضاءً للتجارة وتبادل المعارف والمصير المشترك. ومع ذلك، تحول في العقود الأخيرة إلى منطقة نزاعات وفرص مهدورة. ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى عكس هذا الاتجاه من خلال الاستثمار في الأشخاص والثقة والمعرفة المشتركة، لتصبح الجامعة المتوسطية حجر الزاوية في البعدين الإنساني والثقافي للميثاق الجديد للمتوسط.

– ثلاث ركائز لمبادرة الجامعة المتوسطية
تستند هذه المبادرة الطموحة إلى ثلاث ركائز أساسية:

تطوير برنامج إيرسموس+: سيعمل الاتحاد الأوروبي على توسيع وتطوير برنامج إيرسموس+ ليشمل شركاءه في جنوب المتوسط. الهدف هو زيادة أعداد الطلاب والباحثين والأساتذة وأعضاء هيئات التدريس الذين يدرسون ويعملون عبر حدود البحر الأبيض المتوسط. لا يقتصر الأمر على التنقل فحسب، بل يمتد إلى التكامل الأكاديمي الفعلي من خلال الشهادات العلمية والمناهج المشتركة والاعتراف المتبادل بالدرجات العلمية في المجالات الاستراتيجية، مثل المناخ، التكنولوجيا النظيفة، المهارات الرقمية، الاقتصاد الأزرق، والحوار بين الثقافات.

إنشاء تحالف جامعي: يتطلع الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء تحالف جامعي يشرف على تنسيق التعاون الأكاديمي واتحادات البحث والتبادل الثقافي. سيكون لهذا التحالف مركزان، أحدهما في الاتحاد الأوروبي والآخر في جنوب المتوسط، بهدف تبسيط الجهود، تجميع الموارد، وتوسيع نطاق النفاذ. يسعى هذا المحور إلى ضمان تدفق الأفكار والمواهب بحرية ليس فقط من الشمال إلى الجنوب، بل أيضاً من الجنوب إلى الشمال وعبر المنطقة بأسرها.

وضع أسس لجامعة متعددة الحُرُم: الركيزة الثالثة والأكثر طموحاً تتمثل في وضع أسس لـجامعة متوسطية يكون لها أكثر من حرم جامعي واحد في مختلف أنحاء الفضاء المتوسطي المشترك. سيتم الاعتراف بالدرجات العلمية التي تمنحها هذه الجامعة في الاتحاد الأوروبي وفي الدول الشريكة الجنوبية. سيمكن هذا الطلاب من قضاء فترات دراسية في بلدان مختلفة لاكتساب وجهات نظر جديدة وبناء شبكات مهنية وشخصية دائمة. ولن تكون الجامعة المتوسطية مجرد مبنى واحد، بل ستكون “نظاماً بيئياً مفعماً بالتعاون”.

تحديات وقناعة شخصية:
أقرت المفوضة الأوروبية دبروفكا سويكا بأن المشروع “لن يكون خالياً من التحديات”. واستلهمت من تجربتها الشخصية في مجتمع مغلق وعانت من ويلات الحرب في مسقط رأسها، لتؤكد على قيمة السلام وكيف يمكن للتعليم أن يحدث تأثيرًا تحويليًا في حياتنا، معتبرةً هذا المشروع “مهمة شخصية” بالنسبة لها.

من خلال التعليم، يمكن رعاية جيل جديد لا تعرقله الحدود أو الخوف في بحثه عن الفرص. إن مبادرة الجامعة المتوسطية لا تقتصر على قاعات الدراسة والشهادات العلمية، بل تسعى إلى تحقيق الاندماج والنمو والرؤية المشتركة.

إن الوقت قد حان لتحقيق هذا الطموح، داعيةً الجميع لاغتنام هذه الفرصة كصانعي سياسات وأكاديميين، بل كأشخاص يؤمنون “بالقوة الدائمة للتواصل البشري عبر بحرنا المتوسطي الحبيب”.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button