أخبارالرئيسيةغير مصنففي الصميم

الحركة الشعبية تُعلي الصوت البيئي وتربط التلوث البلاستيكي بالكرامة الإنسانية

بقلم: زهير أصدور

في خطوة لافتة تحمل أبعادًا بيئية وحقوقية متقاطعة، أصدر حزب الحركة الشعبية بيانًا رسميًا بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، المنظم هذا العام تحت شعار:“وضع حد للتلوث البلاستيكي” (Beat Plastic Pollution#)، مؤكدًا من خلاله أن حماية البيئة لم تعد ترفًا سياسيًا أو ترفًا مؤسساتيًا، بل هي قضية سيادية ترتبط بالأمن المائي، والغذائي، والصحي، وحق الأجيال في العيش بكرامة.

البيان الصادر عن الأمانة العامة للحزب استحضر الخلفية التاريخية لهذا اليوم الذي أقرّته منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1972، ليوجه دعوة جماعية إلى الحكومات والمؤسسات والمواطنين لتحمّل مسؤولياتهم إزاء ما وصفه بـ”أحد أخطر أشكال التلوث المعاصر”، في إشارة مباشرة إلى التلوث البلاستيكي وآثاره “المدمّرة على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي واستدامة الموارد”.

بمنظور حقوقي واضح، ذكّر حزب الحركة الشعبية بأن البيئة السليمة حق دستوري وليس مجرد شعار أخلاقي أو إطار مؤسساتي، معتبرًا أن ضمان هذا الحق يجب أن يتم بنفس جدية وضمان باقي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وانتقد البيان ضعف تفعيل المخططات البيئية الترابية، وغياب تقارير التقييم والمحاسبة البيئية، محذرًا من التفاوتات المجالية في الولوج إلى الحقوق البيئية، خاصة في المناطق الجبلية والقروية، مما يعمق – حسبه – مظاهر التهميش البيئي ويقوض مبدأ العدالة الاجتماعية.

وإيمانًا منه بأهمية إشراك المواطن في القرار البيئي، دعا الحزب إلى مأسسة العدالة البيئية، مؤكدًا أن أي سياسة بيئية مستدامة يجب أن تقوم على المشاركة الفعلية للساكنة والمجتمع المدني، بدل المقاربة التقريرية من أعلى.

في السياق ذاته، لم يُغفل البيان أهمية الجماعات الترابية في حماية البيئة، حيث شدّد على ضرورة تمكينها من اختصاصاتها البيئية كاملة، وتوفير الموارد المالية والبشرية والتقنية الكفيلة بذلك، انسجامًا مع منطق اللامركزية ودور القرب في تدبير قضايا التنمية المستدامة.

الحزب أكد التزامه بمواصلة الدفاع عن القضايا البيئية عبر أذرعه المؤسساتية: في البرلمان، وفي المجالس المنتخبة، وفي المحافل الوطنية والدولية، واصفًا البيئة بأنها “قضية سيادية تتقاطع مع كرامة الإنسان ومع مقومات السيادة الوطنية في بعدها البيئي”.

كما وجّه نداءً إلى الحكومة لـمراجعة السياسات البيئية العمومية وتسريع تفعيل مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، بما يُترجم الإرادة الدستورية إلى ممارسات ملموسة تحفظ للأجيال المقبلة حقها في بيئة متوازنة وسليمة.

بمضمون يحمل أبعادًا حقوقية ومؤسساتية، استطاع بيان حزب الحركة الشعبية أن يُحوّل مناسبة رمزية إلى منبر لمساءلة السياسات البيئية الوطنية، وتقديم بدائل تستند إلى منطق العدالة والمواطنة البيئية.

إن حزبًا يربط البيئة بالكرامة، ويعتبر العدالة البيئية جزءًا لا يتجزأ من مشروعه السياسي، لا يكتفي بالاحتفال المناسباتي، بل يُشير بوضوح إلى أن لا تنمية بدون بيئة، ولا ديمقراطية بدون عدالة بيئية، ولا كرامة بدون أمان صحي وبيئي.

لأن الإنسان لا يعيش في الفراغ، بل في محيط تتداخل فيه الحقوق وتتكامل. فكما لا يمكن تصور الحرية في غياب العدالة، لا يمكن بناء مجتمع مزدهر دون بيئة آمنة تحمي الجسد كما تحمي الروح.

ومن هذا المنطلق، يؤكد حزب الحركة الشعبية أن مستقبل التنمية في المغرب لا يُقاس فقط بمؤشرات النمو الاقتصادي، بل يُقاس أيضًا بدرجة التزامنا بحماية بيئتنا، وبالقدرة على تمكين المواطن من التمتع الكامل بحقه في هواء نقي، وماء صالح، وطبيعة مصانة من التدمير والنهب.

إنها دعوة لإعادة ترتيب الأولويات، وجعل البيئة قلب السياسات العمومية لا هامشها، وجعل الإنسان في صلب المعادلة، لا على حافتها.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button