عين الحدث| من الفضيحة الإعلامية إلى إشادة دولية.. المغرب بين تحديات السيادة ومكاسب التنمية

إعداد وتحرير : مصطفى بوريابة
في زمن التحول العميق الذي تعرفه المملكة، يواصل المغرب مسيرته بثبات نحو تحديث الدولة ومأسسة الإصلاح، من خلال قرارات شجاعة تروم تعزيز الحوكمة والشفافية. فقد صادق المجلس الحكومي على مشروع قانون يتعلق بتحويل المؤسسات العمومية الخاضعة لتدبير الوكالة الوطنية لتدبير مساهمات الدولة إلى شركات مساهمة، على أن يتم التحول بشكل نهائي قبل فاتح يوليوز 2026، ضمن مسار إصلاحي غير مسبوق لإعادة هيكلة القطاع العام وجعله أكثر نجاعة وانفتاحًا على النجاعة الاقتصادية والتدبير العصري.
هذه الدينامية تُوازيها إنجازات اقتصادية مشهودة، إذ أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن نفقات الحماية الاجتماعية سترتفع إلى 41 مليار درهم سنة 2026، مشددًا على أن حكومته ورثت وضعًا صعبًا، لكن المؤشرات أصبحت “كلها خضراء”، نتيجة إصلاحات ضريبية وضبط للنفقات وزيادة في مداخيل الدولة دون الضغط على جيوب المواطنين. كما تم تسجيل إحداث 48.209 مقاولة جديدة في الأشهر الخمسة الأولى من 2025، ما يعكس حيوية النسيج الاقتصادي الوطني وروح المبادرة.
ورغم هذه المكاسب، يبقى ملف التقاعد مؤرقًا للعديد من الأسر، ما دفع أحزابًا سياسية إلى المطالبة بإصلاح شمولي عادل للمنظومة، يحفظ الحقوق المكتسبة ويحقق العدالة بين الأجيال. في نفس الإطار، دعت هذه الأحزاب إلى دعم مؤسسة “المغرب 2030” باعتبار الرياضة أداة للتنمية وبناء صورة دولية مشرفة للمغرب، تواكب الاستحقاقات الكبرى مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
لكن في المقابل، اهتز الرأي العام الوطني على وقع فضيحة جديدة داخل الإعلام العمومي، بعد أن بثت قناة “الرياضية” وصلة إشهارية تضم خريطة المغرب مبتورة من صحرائه، وهو خطأ جسيم يضرب الثوابت الوطنية ويستدعي المحاسبة الصارمة، ويحمّل المتابعون المسؤولية المباشرة لمدير القناة ومدير البث المركزي، داعين إلى تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الاكتفاء بالاعتذار أو التبرير. وهو ماقرره المدير العام للشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة الذي فصل رسميا مدير القناة الرياضية بعد هذا الخطأ الجسيم.
على مستوى العلاقات الخارجية، وقّع المغرب وإيطاليا اتفاقية للاعتراف المتبادل برخص السياقة، ما يفتح المجال أمام آلاف السائقين المغاربة لسد الخصاص المهني في إيطاليا الذي يتجاوز 20 ألف سائق. وفي السياق ذاته، استقبل وزير الصحة، أمين التهراوي، رئيس الجمعية الصينية للصحة الدولية، مؤكدًا على قوة الشراكة المغربية الصينية في المجال الصحي، وعلى المشاريع الثلاثية الموجهة لدول الجنوب، في خطوة تعزز الحضور المغربي في إفريقيا.
ومن الداخلة، أعرب وفد فرنسي رفيع المستوى عن إعجابه بالأوراش التنموية التي تعرفها المدينة، والتي تؤكد تحولها إلى قطب اقتصادي منفتح على إفريقيا، خاصة في ظل الحوافز الكبرى التي تقدمها الدولة لجذب الاستثمار.
ثقافيًا، احتفت وزارة الثقافة الفرنسية بالمغرب واصفة إياه بـ”الخزان الفني الصاعد”، ومشيدة بتطور الصناعات الإبداعية والرقمية، في مجالات السينما، النشر، الألعاب، الموسيقى والموضة، بفضل دعم الدولة وثقافة الابتكار.
بيئيًا، تقدم المغرب بـ18 مركزًا في مؤشر المناخ العالمي ليحتل المرتبة 19، ما يبرز تقدمه في السياسات البيئية وقدرته على توفير مناخ عيش مستدام وجذاب.
وفي القطاع الفلاحي، أعلنت وزارة الفلاحة إطلاق حملة واسعة لإحصاء القطيع الوطني وترقيمه بـ30 مليون حلقة، ضمن رؤية لتعزيز الأمن الصحي والغذائي. كما تم، بجهة درعة تافيلالت، تشغيل شبكة السقي المرتبطة بسد قدوسة، وتدشين محطة لمعالجة المياه العادمة بأرفود، إضافة إلى مشروع للتزويد بمياه الشرب من حوض العمشان، في خطوات كبرى لحماية الموارد المائية وتوسيع العرض المائي في المنطقة.
على المستوى المالي، بلغ صافي الأصول تحت تدبير هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة حوالي 768.2 مليار درهم، بفضل الأداء الجيد لفئات السندات القصيرة الأجل، النقدية والأسهم، ما يعزز الثقة في السوق المالي المغربي.
أمنيًا، تم توقيف مواطن فرنسي بالدار البيضاء مبحوث عنه دوليًا، ما يؤكد جاهزية الأجهزة الأمنية في مواجهة الجريمة العابرة للحدود. دبلوماسيًا، استقبلت رئيسة “الهاكا”، لطيفة أخرباش، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث جددت دعم المغرب الثابت للقضية الفلسطينية، في انسجام تام مع توجيهات جلالة الملك محمد السادس.
وفي خطوة تعكس تنامي التعاون جنوب-جنوب، أشاد نائب رئيس السلفادور بمستوى التنمية في المغرب، معتبرًا إياه نموذجًا ملهمًا لدول أمريكا الوسطى والكاريبي.
أما على المستوى الأكاديمي، فقد شهد مقر البرلمان تسليم الجائزة الوطنية للدراسات والأبحاث حول العمل البرلماني، في تكريس لثقافة الربط بين المعرفة والتشريع.
وفي لحظة حزن ووفاء، ودّع المغرب أحد أساطيره الرياضية، بوفاة الدولي السابق أحمد فرس، حيث بعث جلالة الملك محمد السادس برقية تعزية مؤثرة، عبّر فيها عن بالغ حزنه وألمه لفقدان أحد رموز الرياضة الوطنية.



