عين الحدث الافريقي:مغرب الريادة والابتكار في قلب التحولات الإفريقية والدولية

إعداد وتحرير: مصطفى بوريابة
صباح جديد يتنفس من أرض مغربية ثابتة في اختياراتها، وواثقة في خطواتها التنموية والدبلوماسية، حيث تتقاطع الديناميات الوطنية مع التحولات الإفريقية والدولية، لتقدم صورة متكاملة عن مغرب يراهن على الإنسان، ويستثمر في العدالة الاجتماعية، ويعزز حضوره في محيطه القاري والدولي بكفاءة ومصداقية.
وفي قلب هذا المشهد المتعدد الأبعاد، تتجدد الإشادة الدولية بموقف المغرب الثابت من قضية وحدته الترابية، حيث جددت غامبيا دعمها الكامل لمخطط الحكم الذاتي كحل وحيد جاد وموثوق، في وقت اعتبرت فيه تقارير أوروبية الدعم البرتغالي للمبادرة المغربية بمثابة انتصار دبلوماسي جديد يعكس مصداقية المقاربة المغربية وشرعيتها الدولية المتنامية.
وعلى نفس الموجة الإفريقية، شكل منتدى “جسر إفريقيا 2025” ببنجرير منصة لشباب القارة من 25 دولة، عبّروا خلالها عن رغبتهم في رؤية سياسية جديدة تُبنى على الابتكار والتعاون العملي لا الخطابي، داعين إلى سياسات عمومية قادرة على تلبية تطلعات الأجيال الصاعدة.
وفي امتداد لهذا الحراك القاري، حمل المغرب صوته مجدداً إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي، داعياً إلى استجابة منسقة لمعضلة الأطفال المجندين سابقاً في مناطق النزاع، ومطالباً بتحمل جماعي للمسؤولية القارية في إعادة إدماجهم وتأهيلهم في مجتمعاتهم الأصلية.
وبالعودة إلى المشهد الداخلي، تستمر الدولة في تطوير منظومتها المؤسساتية، حيث صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم جديد يقضي بمراجعة هيكلة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، انسجاماً مع التطورات التشريعية الرامية إلى تحديث المنظومة العقابية وتفعيل بدائل العقوبات السالبة للحرية.
وفي الشق الصحي، أعلنت وزارة الصحة عن خطة استراتيجية متقدمة لسد الخصاص في الأطر، من خلال توجيه عادل للموارد البشرية وزيادة غير مسبوقة في المناصب المخصصة للتوظيف، ضمن مشروع “المجموعات الصحية الترابية” الهادف إلى إعادة تنظيم العرض الصحي على أسس الإنصاف والنجاعة.
وتواصل الوزارة تجسيد هذا التحول بإطلاق منصة وطنية لوجستيكية لتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية، بما يضمن تدبيراً محكماً للمخزون، وتفادياً للانقطاعات المتكررة، بينما يشهد المجال الطبي طفرة نوعية مع إجراء أول عملية جراحية باطنية بمساعدة الروبوت داخل مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة.
اقتصادياً، تستمر المؤشرات الإيجابية في التأكيد على متانة الأسس الاقتصادية للمملكة، حيث حققت مجموعة اتصالات المغرب أداءً لافتاً تجاوز 80 مليون زبون، وبلغ رقم معاملاتها أزيد من 18 مليار درهم في النصف الأول من العام، رغم التحديات التنافسية، في حين أطلق الصندوق المغربي للتقاعد برنامجه الجديد 2025-2027، بناءً على حصيلة ناجحة تجاوزت 91% في البرنامج السابق.
وفي مجال المبادلات الدولية، سجل المغرب فائضاً تجارياً غير مسبوق مع فرنسا بلغ 15,9 مليار درهم، بينما وقعت وكالة بيت مال القدس اتفاقية لدعم 250 مزارعاً مقدسياً ضمن مشروع “صمود”، في تعبير إنساني متجدد عن التزام المملكة بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها القدس الشريف.
من جانب آخر، كشفت وزارة الانتقال الطاقي عن التزام المغرب الثابت ببناء اقتصاد إفريقي أخضر، كما أكدت الوزيرة ليلى بنعلي خلال منتدى طنجة، في وقت واصل المغرب ريادته الرقمية باحتلاله المرتبة الأولى إفريقيا و24 عالمياً في مؤشر البيانات المفتوحة، تأكيداً على التزامه بالشفافية واعتماد السياسات المبنية على المعطيات.
وفي ظل توسع البنية التحتية، وُقّع بروتوكول استثماري بين الحكومة والمكتب الوطني للمطارات بقيمة 38 مليار درهم لتحديث مطارات المملكة، وبناء منصة جوية جديدة بمطار محمد الخامس، ضمن خطة طموحة لتحسين منظومة النقل الجوي وتعزيز الخدمات العمومية.
أما على مستوى الحوكمة، فقد كشف وسيط المملكة حسن طارق عن تلقي المؤسسة 7948 تظلماً خلال 2024، تهم بالأساس قضايا إدارية ومالية وعقارية، مما يعكس الحاجة المتزايدة لتطوير آليات الوساطة الإدارية، بينما أشار تقرير “مرصد آجال الأداء” إلى استمرار التحديات المرتبطة بالتزام المقاولات بالمواعيد، وتأثير ذلك على دينامية الاستثمار.
وفي القطاع المالي، بلغ عدد البطاقات البنكية المتداولة بالمغرب 22,6 مليون بطاقة خلال 2024، بزيادة 12 في المئة، رغم استمرار هيمنة السحب النقدي بنسبة 86 بالمئة، ما يبرز الحاجة إلى تعزيز ثقافة الأداء الرقمي في المعاملات اليومية.
وفي الجانب الدبلوماسي، أثنت النائبة البرلمانية البيروفية روزانجيلا برباران على دور المغرب في دعم الاستقرار، واصفة المملكة بشريك موثوق يمتلك رؤية استراتيجية متقدمة، ضمن دينامية الانفتاح المغربي على أمريكا اللاتينية.
أما في ما يخص السياسة الميزانياتية، فقد أعلنت وزيرة الاقتصاد نادية فتاح عن توجه الحكومة نحو الحفاظ على التوازنات الكبرى خلال الفترة 2026-2028، مع تركيز الإنفاق العمومي على المشاريع ذات الأولوية، من أجل تحقيق معدل نمو متوقع يصل إلى 4,5% مدفوعاً بالأنشطة غير الفلاحية.
ثقافياً، تتواصل الدينامية الفنية التي تعرفها المملكة بفضل التوجيهات الملكية، كما يشارك البرلمان المغربي في منتديات دولية بكل من جنوب إفريقيا ونيويورك، لتقاسم تجربة المغرب في دعم العدالة والمساواة، بينما تعمل وزارة التضامن على تصحيح الصور النمطية المرتبطة بالأشخاص في وضعية إعاقة، وتحسين الولوج إلى النقل والخدمات بما يعزز كرامتهم واستقلاليتهم.
وهكذا، وبين إشعاع خارجي وعمق داخلي، يرسم المغرب هذا الصباح ملامح مشروع وطني متكامل، يجعل من التنمية والعدالة والمصداقية أسساً لمستقبل يليق بطموحات المواطن، ويعزز تموقعه كقوة فاعلة في محيطها الإفريقي وشريكة موثوقة في النظام الدولي الجديد.



