Hot eventsأخبارأخبار سريعةفي الصميم

متى سيتوقف المرشحون عن تخوين معارضيهم؟

هيام الكلاعي

يعيد بعض المرشحين دائما إنتاج نفس الخطاب المتعالي الذي يخلط بين السلطة والثأر، بين المسؤولية والانتقام، بين النقد والخيانة. لكن الإشكال لا يكمن فقط في مضمون هذا الخطاب، بل في الطريقة التي يتعامل بها هؤلاء “المنتخبون” مع المواطن بعد وصولهم إلى مناصب القرار. فبمجرد أن يعتلي أحدهم كرسي المسؤولية، يبدأ في شيطنة كل صوت معارض، ويتحول النقد إلى مؤامرة، والمخالفة إلى خيانة عظمى.

السؤال الجوهري الذي لا يريد هؤلاء طرحه على أنفسهم هو: من منحهم هذه المناصب أصلاً؟ هل هم خبراء محنّكون تدرجوا في مراتب الدولة؟ هل تم تعيينهم بناءً على كفاءاتهم وشهاداتهم الأكاديمية؟ في الحقيقة، كلهم وصلوا إلى المنصب عبر صناديق الاقتراع، أي عبر أصوات الناس أنفسهم الذين يُخَوِّنُونهم اليوم.

إن ما نعيشه اليوم من أزمة في التواصل السياسي، سببه الأول هو غياب الوعي بالدور التمثيلي الحقيقي للمسؤول. فالمواطن ليس خصماً، والمعارض ليس عدواً، والنقد ليس خيانة. المسؤول الحقيقي هو الذي ينصت، يتحاور، يشرح، يُقنع، ويقبل بأن يراجَع ويُحاسب.

إن تحويل الخلاف إلى شتيمة، والنقد إلى تهديد، هو انزلاق خطير نحو ثقافة الاستبداد المغلّف بصناديق الاقتراع. ومن العار أن تُرفع شعارات الديمقراطية من طرف من لا يؤمنون إلا بأصوات المصفقين.

المطلوب اليوم هو إعادة تعريف العلاقة بين المسؤول والمواطن. علاقة مبنية على الاحترام المتبادل، والحق في التعبير، والاعتراف بأن السلطة هي تكليف لا تشريف، وأن الشرعية لا تُكتسب مرة واحدة، بل تُجدد كل يوم من خلال الأداء، والشفافية، والصدق.

حين يفهم المسؤول هذا، سيتوقف عن التخوين… وسيبدأ في العمل.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button