أخبارالرئيسيةالعالمتقارير وملفات

اسرائيل..عقوبة الإعدام بين الحسابات السياسية والتصعيد الإقليمي

في الوقت الذي يعيش فيه الداخل الإسرائيلي واحدة من أكثر مراحله حساسية على المستويين الأمني والسياسي، عاد ملف عقوبة الإعدام بحق منفذي العمليات إلى الواجهة، ليفتح باب الجدل داخل الكنيست ويكشف عن حجم الانقسام بين التيارات السياسية.

من حيث الظاهر، يبدو أن المشروع يهدف إلى تعزيز الردع في مواجهة العمليات الفلسطينية، غير أن التوقيت يطرح تساؤلات جدية: لماذا الآن؟ هل هو انعكاس لضغط الشارع اليميني الذي يطالب بتصعيد العقوبات، أم محاولة من بعض الأطراف السياسية لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية؟

المعارضون للقانون يرون أن هذه الخطوة ليست سوى تصعيد خطير قد يفجّر الأوضاع، لاسيما أن التجارب التاريخية تثبت أن العقوبات الجماعية أو المفرطة لا تجلب الأمن، بل تؤجج دائرة العنف وتُعمّق مشاعر الغضب والانتقام.

على الجانب الآخر، يُصرّ مؤيدو المشروع، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، على أن الإعدام “ضرورة أمنية” ورسالة حازمة بأن الدم الإسرائيلي ليس مباحاً. لكن هذا الخطاب، رغم شعبويته، يخفي وراءه حسابات سياسية تتعلق بتعزيز النفوذ داخل الحكومة واستمالة القاعدة الانتخابية اليمينية.

في السياق الإقليمي، تتقاطع هذه النقاشات مع تصعيد في الخطاب الإيراني واستعدادات متبادلة لمواجهة العقوبات، إلى جانب جمود في مسار الوساطات لوقف إطلاق النار مع غزة بعد إعلان حركة حماس أنها لم تتلق أي مقترحات جديدة. هذه الصورة المركّبة تجعل أي قرار من شأنه رفع منسوب التوتر الداخلي قابلاً للتفاعل مع بيئة إقليمية متفجرة.

النتيجة أن إسرائيل تجد نفسها اليوم أمام معادلة معقدة: كيف توازن بين متطلبات الأمن الداخلي وضغوط الرأي العام، وبين تداعيات القرارات التي قد تضعها في مواجهة سياسية وقانونية دولية، وتغلق أبواب الحلول السياسية أمام صراع طويل الأمد؟

إن طرح عقوبة الإعدام في هذا السياق لا يبدو مجرد نقاش قانوني، بل هو انعكاس لحالة مأزومة تتأرجح بين هواجس أمنية وحسابات سياسية ضيقة، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى مقاربة عقلانية تضع الاستقرار الإقليمي فوق أي اعتبارات أخرى.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button