Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

المغرب يطلق مرحلة حاسمة نحو الإصلاح الشامل والتنمية المستدامة

في يوم جديد من الحركية الوطنية المتسارعة، يواصل المغرب رسم معالم مرحلة استراتيجية فارقة، حيث تتقاطع الرهانات الاقتصادية مع الإصلاحات التشريعية والاجتماعية، ضمن رؤية شمولية يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، لتثبيت أسس نموذج تنموي متجدد يجعل الاستثمار والمواطنة وحقوق الإنسان في صلب أولوياته.

ففي الجانب الاقتصادي، تتجه الحكومة نحو تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات الخاصة، بهدف خلق 500 ألف منصب شغل خلال الفترة الممتدة ما بين 2022 و2026، وفق ما أكده وزير الاستثمار كريم زيدان، الذي أشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية الجديدة للاستثمارات الخاصة تم إعدادها بمنهجية تشاركية، تعزز الالتقائية بين مختلف الفاعلين، وتضمن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تستجيب لتطلعات المملكة نحو موقع اقتصادي تنافسي إقليميًا ودوليًا.

وفي السياق نفسه، سجلت وزارة الاقتصاد والمالية استمرار ارتفاع المداخيل الجبائية لتتجاوز 201,8 مليار درهم مع نهاية يوليوز 2025، بنمو بلغت نسبته 15,9% مقارنة بالسنة الماضية، ما يعكس دينامية مالية غير مسبوقة، تدعم خيارات الدولة في مجالات الاستثمار العمومي وتحفيز المبادرات الخاصة. كما واصل المغرب تعزيز مكانته كقطب اقتصادي صاعد، من خلال إحداث ما يقارب 49 ألف مقاولة جديدة على الصعيد الوطني حتى نهاية ماي الماضي، حيث تصدرت جهة الدار البيضاء-سطات القائمة بـ 15.229 مقاولة، تليها جهات طنجة-تطوان-الحسيمة، والرباط-سلا-القنيطرة، في مؤشر واضح على دينامية المقاولات الصغيرة والمتوسطة كرافعة أساسية للاقتصاد الوطني.

أما على مستوى البنية التحتية الطاقية، فقد كشف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب عن إطلاق مشروع استراتيجي جديد في شمال المملكة، يتمثل في محطة تحويل الطاقة الكهربائية عبر الضخ بإفحصة قرب شفشاون، باستثمار يقدر بـ 450 مليون دولار وقدرة إنتاجية تصل إلى 300 ميغاواط. هذا المشروع، الذي ينتظر دخوله الخدمة في أفق سنة 2031، يمثل خطوة نوعية لتعزيز الأمن الطاقي الوطني، وتحقيق اندماج أكبر للطاقات المتجددة ضمن الشبكة الكهربائية الوطنية.

وفي ميدان الإصلاح التشريعي، يدخل قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 حيز التنفيذ رسميًا، في تحول بارز نحو تحديث السياسة الجنائية وتكريس عدالة أكثر إنصافًا وإنسانية. وقد أصدرت المحكمة الابتدائية بأكادير أول حكم تطبيقي لهذا القانون، حيث استبدلت عقوبة الحبس بغرامة مالية يومية، في خطوة تؤكد توجهًا جديدًا نحو التوفيق بين الردع والإصلاح وإعادة الإدماج. كما أصدرت رئاسة النيابة العامة دليلًا استرشاديًا لفائدة قضاة النيابة العامة حول سبل تنفيذ هذه العقوبات، بما يضمن انخراط جميع الفاعلين في إنجاح هذا الورش الإصلاحي الكبير.

وفي سياق متصل، عبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن ارتياحه لدخول هذا القانون حيز التنفيذ، مؤكداً على ضرورة ضمان نجاعة تطبيقه بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما دعا المجلس، خلال اجتماع له في أديس أبابا، إلى تبني نموذج جديد للتعاون الإفريقي يوفق بين النمو الاقتصادي واحترام الحقوق الأساسية، باعتبار التنمية المستدامة رهينة بالمشاركة الفعالة للمواطنين وتعزيز مبادئ العدالة والمساواة.

أما على الصعيد الاجتماعي، فقد أعلنت الحكومة شروعها في صرف تعويضات الأخطار المهنية لموظفي القطاع الصحي مع نهاية غشت الجاري، تنفيذًا لمخرجات اتفاق 29 دجنبر الماضي. وتشمل هذه الخطوة زيادة شهرية بقيمة 500 درهم صافية لفائدة الأطر التمريضية، و200 درهم صافية للأطر الإدارية والتقنية، في خطوة تهدف إلى تحسين أوضاع مهنيي الصحة وتعزيز جاذبية القطاع.

من جهة أخرى، يثير جدل بيع الكتب المدرسية داخل بعض المؤسسات التعليمية جدلاً واسعًا مع اقتراب الدخول المدرسي، حيث حذرت المكتبات المستقلة من تأثير هذه الممارسات على قطاع النشر والتوزيع الذي يشكل سوقه المدرسي نحو 70% من رقم المعاملات، مشددة على ضرورة حماية التوازن الثقافي والاقتصادي بين الفاعلين.

وفي السياق الحقوقي والإنساني، يواصل المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تثبيت حضوره كفاعل إنساني مؤثر في المنطقة. فقد أشادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وشخصيات مقدسية بارزة بجهود جلالته المتواصلة في دعم القضية الفلسطينية، مؤكدين أن المبادرات الملكية الإنسانية لإرسال المساعدات لقطاع غزة تعكس التزامًا صادقًا ودائمًا تجاه صمود الشعب الفلسطيني، وتجسد دور المملكة كوسيط فاعل وداعم للسلام والعدالة.

وأخيرًا، برزت دعوة وسيط المملكة، حسن طارق، خلال لقاء بشفشاون، إلى إطلاق حوار عمومي واسع حول التماسك الاجتماعي، مؤكدًا أن تعزيز قيم العدالة والإنصاف والتضامن يشكل أساس بناء مجتمع مندمج ومتوازن، قادر على مواجهة التحديات التنموية والاجتماعية برؤية موحدة ومشروع وطني مشترك.

بهذه المؤشرات المتعددة، يتضح أن المغرب يعيش مرحلة تحول كبرى، حيث تتكامل المبادرات الاقتصادية والتشريعية والاجتماعية والإنسانية، لتصنع نموذجًا وطنيًا متفردًا قائمًا على الاستثمار في الإنسان والاقتصاد معًا، في أفق تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button