Hot eventsأخبارأخبار سريعةالأنشطة الملكية

محمد السادس يرسم ملامح مرحلة جديدة في السياسة الوطنية.. من خطاب الدولة إلى دولة الخطاب



قرار الملك بتقليص عدد الخطابات الملكية إلى مناسبتين رسميتين فقط هو أكثر من مجرد تنظيم بروتوكولي إنه تحول في فلسفة الحكم والتواصل السياسي بالمغرب ورسالة عميقة المعاني إلى الداخل والخارج معا.
فمن خلال هذا القرار التاريخي،يؤسس الملك لمرحلة جديدة عنوانها الفعالية والرمزية والاتساق في الخطاب الملكي،حيث يصبح كل نطق مولوي حدثا وطنيا ينتظره الشعب،لا مجرد محطة بروتوكولية ضمن رزنامة المناسبات.

من تعدد الخطابات إلى وحدة المعنى

طوال أكثر من عقدين،تميز عهد الملك محمد السادس بكثرة الخطابات الموجهة إلى الأمة في مناسبات متعددة،كان الهدف منها ترسيخ ثقافة القرب والتفاعل المباشر مع المواطنين.لكن المغرب اليوم بعد أن رسخ حضوره الدبلوماسي في القارات الخمس وحقق قفزات مؤسساتية وتنموية نوعية،لم يعد في حاجة إلى كثرة الرسائل بل إلى عمق المعنى في كل رسالة.
فالاقتصار على خطابين اثنين في السنة – عيد العرش وافتتاح السنة التشريعية – يعكس ثقة المؤسسة الملكية في نضج الدولة والمجتمع وقدرتهما على الاستمرار في البناء دون الحاجة إلى التذكير المستمر بالثوابت.

قرار أممي يعيد ترتيب أولويات الدولة

من الواضح أن هذا التحول لم يأت بمعزل عن السياق الدولي.فالقرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر 2025 شكل لحظة فاصلة في تاريخ الدبلوماسية المغربية،إذ أكد بما لا يدع مجالا للشك أن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل الوحيد الممكن للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وهنا يظهر بجلاء أن الملك أراد لهذا التاريخ أن يكون نقطة تحول ليس فقط في مسار القضية الوطنية بل أيضا في منهجية الخطاب السياسي للدولة المغربية.

عيد الوحدة: تتويج رمزي لمسار وطني طويل


إحداث عيد وطني جديد تحت اسم “عيد الوحدة” في 31 أكتوبر من كل سنة هو تجسيد رمزي للانتصار الدبلوماسي المغربي وتخليد لروح الإجماع الوطني حول السيادة والوحدة الترابية.فالعيد الجديد لا يضاف فقط إلى رزنامة الأعياد الوطنية،بل إلى الذاكرة التاريخية للمغاربة التي تكتب فصولها بعرق الجنود وصبر الدبلوماسيين وإيمان الشعب بملكه.
وسيكون لهذا اليوم دلالة مضاعفة فهو مناسبة للاحتفال بالوحدة الترابية وفرصة لترسيخ قيم التلاحم والعفو والتضامن،من خلال العفو الملكي السامي الذي سيرافق هذه الذكرى سنويا .

بين الصمت والكلمة: دولة تنضج

هذا القرار الملكي يعيد الاعتبار لقيمة الصمت الرسمي في زمن الضجيج السياسي، فحين تتحدث الدولة المغربية،فإنها لا تفعل ذلك إلا عندما تكون الكلمة ضرورية ومؤسسة لمسار جديد.
لقد انتقل المغرب من زمن الخطاب المتكرر”إلى زمن الخطاب المفصلي ومن دولة تحتاج إلى مخاطبة شعبها باستمرار إلى دولة قوية وراسخة قادرة على أن يتحدث استقرارها عن نفسه.

نهاية مرحلة وبداية أخرى

بهذا القرار،يعلن الملك أن مرحلة جديدة قد بدأت قوامها الثقة في المؤسسات والنضج في الممارسة والوضوح في التواصل.
إنه الانتقال من زمن الدفاع عن الشرعية إلى زمن بناء القوة الهادئة حيث تتكلم إنجازات المغرب بنفسها وحيث يظل الخطاب الملكي مرجعا وميزانا للضمير الوطني لا مجرد حدث إعلامي.

ولعل هذا هو جوهر مدرسة محمد السادس في الحكم أن تتكلم الكلمة حين تكون ضرورية وأن يصمت الملك حين يكون الوطن يتكلم بأفعاله.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button