
بقلم: عزيز رباح – وزير أسبق
تسير المملكة بخطى ثابتة، رغم المعيقات، نحو تحقيق الريادة بمقوماتها الثلاثة: السيادة والتنمية والعالمية. وهذا ما نُجمع عليه في المغرب الصاعد الذي يقوده جلالة الملك، وتساهم في بنائه القوى والنخب المخلِصة والمصلحة، في مواجهة تضافر جهود الإعاقة والإضعاف والإفساد من الخصوم الدوليين من جهة، والنخب المحلية الفاسدة من جهة أخرى.
وهذا المغرب الصاعد يحتاج إلى جيل صاعد راسخ العقيدة والإيمان، قوي الانتماء والوطنية، سليم العقل والجسم، رزين المواطنة والسلوك، عالي الهمة والطموح.
جيلٌ سيرث العطاء الحضاري للأمة المغربية، ويحمل أمانة الريادة الحالية للمملكة، بالحفاظ عليها، وتثمينها، والارتقاء في بناء الإنسان وتنمية العمران، حتى يستمر مسار الصعود والصمود أمام عوادي الزمن وتآمر الداخل والخارج.
وفي هذا السياق، يقتنع كثير من المخلصين في مواقع متعددة بضرورة أن يستعيد يوم الجمعة دوره في صناعة هذا الجيل؛ يومٌ لا يكون مجرد نهاية أسبوع، بل مدرسة أسبوعية للتربية والتأطير، يُخصَّص نصفه الثاني لبرامج تبني الروح والعقل والجسد والسلوك.
في هذا المقال أقترح المحاور الخمسة لبناء الجيل الصاعد عبر يوم الجمعة ويمكن أن يمتد إلى يوم السبت :
- نشر التدين والأخلاق الحميدة
لا يمكن بناء جيل قوي دون أساس روحي وأخلاقي ثابت. ويوم الجمعة، بما يحمله من روح جماعية وإشعاع إيماني، يشكّل أفضل منصة لترسيخ هذه القيم، من خلال تمكين التلاميذ من أداء صلاة الجمعة في المساجد أو داخل المؤسسات وفق تنظيم ملائم، وتقديم توجيهات تربوية تنطلق من واقع الشباب وتعالج تحديات العصر كالاختراق المذهبي والانحراف الأخلاقي.
- ترسيخ قيم الهوية الوطنية الجامعة
جيل المستقبل يحتاج إلى عمق حضاري يقيه من التفكك والضياع ويرسخ الانتماء الوطني. ويمكن ليوم الجمعة أن يكون حلقة وصل أسبوعية تربط الشباب بجذورهم العميقة وهويتهم المغربية الأصيلة، عبر فقرات جاذبة تُعرّف بتاريخ المملكة، وقصص وتجارب ملهمة تغرس حب الوطن وخدمة الصالح العام.
- التربية البدنية والعلمية
الأمم القوية تُبنى على الإنسان القوي والمعافى في بدنه وعقله، المتزن في سلوكه والقادر على التحكم في نفسه وانفعالاته. ويمكن أن يشمل برنامج الجمعة إدماج الرياضات الفردية كفنّون الدفاع التي تعزز الثقة بالنفس والانضباط، ورياضات التركيز والاتزان، والمسابقات القرائية والعلمية، وغيرها من الأنشطة البدنية والذهنية البانية.
- تنمية الذكاء وملكة الاختراع
فالجيل الصاعد لا بد أن يكون جيلًا مبتكرًا ويقظًا، قادرًا على المنافسة، ومؤهّلًا لصناعة المستقبل الذي يتسارع من حوله. ويتم ذلك عبر ورشات للابتكار والروبوتيك والبرمجة والألعاب الذهنية. ويستحسن إطلاق “ابتكار الجمعة” كمبادرة مدرسية أسبوعية تُحفّز الاختراع وصناعة النماذج واقتراح الحلول.
- تنمية المهارات الحياتية
لا بد للجيل الصاعد من امتلاك مهارات حياتية تُكسبه القدرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة وفاعلية. ويمكن ليوم الجمعة أن يشكّل منصةً مثالية لترسيخ هذه الكفاءات الضرورية للنجاح الفردي والجماعي، مثل مهارات التواصل والحوار والتعاون، وإدارة الوقت، والالتزام والانضباط، ومحاربة التراخي، وتنمية روح القيادة وخدمة المجتمع ونفع الآخرين، ومحاربة الأنانية والانعزالية.
إن يوم الجمعة يمكن أن يتحول إلى محطة حضارية أسبوعية تُربّي الروح، تبني الهوية، تقوّي الجسد، وتُنمّي العقل… ليخرج جيل مغربي صاعد، منسجم مع مشروع المملكة في السيادة والتنمية والعالمية.
جيلٌ قادر على حمل الرسالة، وصناعة المستقبل، والمساهمة في استمرار صعود المغرب وصموده أمام التحديات الداخلية والخارجية.
وطبعًا، فإن هذا البرنامج الحضاري لا يمكن أن يؤتي ثماره إلا إذا كان تحت إشراف عالٍ وتأطير من خيرة المخلصين للوطن، المؤمنين بالثوابت، الملتزمين بالقيم المغربية، والحاملين لرسالة الإسهام في مسيرة المغرب الصاعد.
كما يجب أن يُرفق بالمزيد من الصرامة في محاربة التفاهة والزندقة والانحراف في المجتمع والإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
والخير أمام.



