أخبارالرئيسيةجهات المملكة

فاجعة سقوط عمارتين في فاس.. مرة اخرى هشاشة البنيات السكنية تفجر أسئلة عن الإهمال والمسؤوليات

عرفت مدينة فاس ليلة الثلاثاء–الأربعاء 9–10 ديسمبر 2025 واحدة من أكثر الحوادث المأساوية التي عرفتها السنوات الأخيرة، بعد انهيار عمارتين سكنيتين متجاورتين بحيّ المسيرة (مقاطعة زواغة)، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، في مشهد صادم هزّ المدينة والرأي العام الوطني.

حصيلة ثقيلة وعمليات إنقاذ معقدة:وفق المعطيات التي أعلنتها السلطات المحلية، خلّف الحادث وفاة ما بين 19 و22 شخصاً في حصيلة أولية، إضافة إلى نحو 16 مصاباً جرى نقلهم إلى المركز الاستشفائي الجامعي بفاس لتلقي العلاجات الضرورية.

وقد استمرت فرق الإنقاذ والوقاية المدنية في البحث لساعات طويلة وسط الأنقاض، في ظل مخاوف من وجود أشخاص آخرين عالقين.كيف وقع الانهيار؟تشير المعطيات الميدانية إلى أن العمارتين، المكونتين من أربعة طوابق، انهارتا بشكل مفاجئ خلال الليل.

وحسب شهادات بعض الناجين فقد أدى سقوط المبنى الأول إلى جر المبنى الثاني المجاور بفعل الارتباط البنيوي بينهما وتقارب الأساسات، الأمر الذي ضاعف من حجم الكارثة وعدد الضحايا.

ورغم أن التقرير الفني الرسمي لم يصدر بعد، فإن شهادات سكان الحي وتقييمات أولية تُفيد بأن إحدى العمارتين كانت تعاني من اختلالات بنيوية وشقوق ظاهرة منذ مدة، ما يرجّح احتمال تصنيفها ضمن المباني المهددة بالسقوط أو المحتاجة لتدخل عاجل.هل كانت إحدى العمارتين آيلة للسقوط؟المصادر المتوافرة إلى حدّ الساعة لا تؤكد بشكل رسمي وجود تصنيف مسبق للمبنى كـ”آيل للسقوط”، غير أن معطيات من الميدان وسياق المدينة العمراني يشيران إلى أن فاس تضم عدداً كبيراً من البنايات القديمة أو غير المتطابقة مع المعايير، بعضها خضع سابقاً لمراسلات تحذيرية من السلطات.

ويجري حالياً التحقق من الوثائق الإدارية والتقنية المتعلقة بالعمارتين لمعرفة ما إذا تم سابقاً تشخيص حالتهما من طرف المصالح التقنية،إصدار إنذارات بالإخلاء،تسجيلهما ضمن المباني التي تستدعي ترميماً أو تقوية عاجلة.

التحقيقات القضائية والتقنية تنطلق، اذ أعلن وكيل الملك فتح تحقيق قضائي معمّق، بإشراف خبراء في الإنشاءات والبنيات الهندسية، لتحديد الأسباب الحقيقية وراء الانهيار، سواء كانت:ضعفاً في الأساسات،تآكلاً في مواد البناء،تعديلات غير قانونية داخلياً،خللاً في مراقبة البناء،أو إهمالاً إدارياً في التعامل مع إشعارات الخطر.

كما ستشمل التحقيقات مراجعة ملفات التراخيص الهندسية والرسومات الإنشائية الأصلية، ومقارنتها مع ما هو مُنجز على أرض الواقع، إلى جانب الاستماع للشهود والسكان والمهندسين المعماريين والمقاولين الذين قد تكون لهم صلة بالمبنى.

أسئلة صعبة حول مسؤولية الجهات المعنيةالحادث يطرح سلسلة أسئلة حارقة حول مراقبة جودة البناء داخل المدن المغربية، خاصة في الأحياء التي تضم مباني قديمة أو منشآت توسعت بشكل غير منظم على مرّ السنوات.

أبرز الأسئلة التي برزت بعد الحادث:هل خضعت العمارتان لعمليات تفتيش تقنية خلال السنوات الأخيرة؟إن كانت هناك تقارير تحذيرية أو شقوق موثقة، فلماذا لم تُفعّل إجراءات الإخلاء؟هل تم احترام معايير السلامة أثناء البناء الأصلي أو أي ترميم لاحق؟وما مدى جاهزية السلطات للتدخل في مثل هذه الحالات قبل وقوع الكارثة؟صدمة وحزن في الحيّ. ومطالب بمحاسبة المسؤولين.

خلف الحادث ألماً كبيراً في صفوف سكان الحي، الذين أكد بعضهم أن تصدعات كانت ظاهرة منذ فترة، وأنهم طالبوا أحياناً بتدخل السلطات. وبينما ينتظر الأهالي نتائج التحقيق، تتعالى مطالب بمحاسبة كل من ثبت تقصيره في هذه الكارثة، سواء من الجهات التقنية، أو مالكي العقار، أو المكلفين بالمراقبة العمرانية.

حادث انهيار العمارتين في فاس لم يكن مجرد واقعة معمارية معزولة، بل ناقوس خطر يكشف هشاشة جزء من النسيج العمراني للمدينة، ويدعو إلى إعادة النظر في طرق مراقبة جودة البناء وتدبير المخاطر العمرانية. وفي انتظار صدور التقرير الرسمي، تبقى فرضية الإهمال البنيوي وتدهور حالة إحدى العمارتين الأكثر تداولاً، مع التأكيد أن الحقيقة النهائية ستتحدد بعد انتهاء التحقيقات التقنية والقضائية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button