بنسعيد..المغرب يواجه التضليل الإعلامي بخطة يقظة وطنية

في مواجهة ما وصفها بـ”الهجمات الإعلامية الممنهجة”، حذر وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، من تنامي حملات التشويش والتضليل التي تستهدف المغرب، خصوصاً فيما يتعلق بوحدته الترابية. هذه الحملات تُقاد عبر قنوات رقمية وإعلامية من جهات معادية، سواء من خارج البلاد أو من داخل الفضاء الافتراضي.
– خطة حكومية لتعزيز المناعة الرقمية والإعلامية:
خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب المنعقدة يوم الاثنين 23 يونيو 2025، كشف بنسعيد أن وزارته أنشأت قسماً خاصاً للرصد والتحليل الإخباري. يعكف هذا القسم على تتبع مصادر الأخبار الزائفة ومحتويات التضليل الرقمي، مع تقديم ردود دقيقة وفعالة، وذلك ضمن استراتيجية وطنية شاملة لحماية الفضاء المعلوماتي الوطني. وأوضح الوزير أن هذه الإجراءات تندرج في إطار رؤية حكومية تسعى إلى تمتين المناعة الرقمية والإعلامية للمغرب. كما أشار إلى أن الوزارة تولي أهمية خاصة لتقوية العلاقات مع المراسلين الأجانب ووسائل الإعلام الدولية المعتمدة في البلاد، لما لذلك من دور محوري في تصحيح الصورة النمطية وإيصال المعلومة الرسمية والموثوقة إلى الرأي العام العالمي.
– دور الصحافة المهنية كخط دفاع أول:
في الاتجاه ذاته، أشار بنسعيد إلى أن الوزارة بصدد اعتماد منظومة وطنية للرصد واليقظة الإعلامية، يتم من خلالها تنسيق الجهود بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين من أجل مواجهة محتوى التضليل الإعلامي بشكل استباقي. وشدد على ضرورة دعم الصحافة المهنية، باعتبارها صمام أمان في وجه الرداءة واللا مهنية ومصدراً لبناء الثقة مع المواطن. وأشار إلى أن الصحافي المهني يبقى خط الدفاع الأول ضد موجات التشويه والتزييف المتعمدة.
المنصات الرقمية الرسمية: جدار صد في الفضاء الافتراضي ضمن مساعي الوزارة لتقوية الحضور المؤسساتي في الفضاء الرقمي، يبرز دور المنصات الرسمية كأدوات استراتيجية للدفاع عن مصالح المغرب.
maroc.ma و”الصحراء المغربية” أدوات للدفاع عن الموقف الوطني:
أبرز بنسعيد أهمية البوابات الوطنية الرقمية، وفي مقدمتها maroc.ma التي تُعتبر منصة شاملة للمعلومة العمومية. وكذلك بوابة “الصحراء المغربية” التي تلعب دوراً استراتيجياً في الدفاع عن الموقف المغربي من النزاع المفتعل حول الصحراء، من خلال تقديم معطيات تاريخية وقانونية دقيقة والرد على الادعاءات الزائفة التي يتم الترويج لها دولياً. تأتي تصريحات بنسعيد في سياق تزايد استخدام “حروب المعلومة” كأداة جيوسياسية لتقويض استقرار الدول واستهداف شرعيتها، وهو ما يفرض على المغرب اعتماد مقاربة هجومية لا تكتفي برد الفعل بل تبني استراتيجية اتصال عمومي متكاملة تستند إلى الشفافية والمهنية وتستثمر في الكفاءات الإعلامية الوطنية. فالمعركة لم تعد فقط على الأرض أو في أروقة السياسة، بل باتت تخاض أيضاً على صفحات الإنترنت، حيث تُصنع القناعات وتُوجه الرأي العام الدولي.
الإعلام العمومي والدبلوماسية الرقمية لتعزيز القوة الناعمة للمغرب:
في ظل تصاعد حروب الرواية الإعلامية وتضخم تأثير الفضاء الرقمي على تشكيل الرأي العام العالمي، أصبح الإعلام العمومي المغربي مطالباً بلعب دور أكثر فاعلية في مواجهة حملات التضليل التي تستهدف صورة المملكة ومصالحها الحيوية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية. ورغم التطور النسبي الذي عرفته بعض القنوات العمومية، إلا أن المعركة الاتصالية اليوم تتطلب إعلاماً هجومياً يجمع بين المهنية والجاذبية وسرعة التفاعل، ويخاطب الداخل كما الخارج، بلغات متعددة ومن زوايا استراتيجية مدروسة. إلى جانب ذلك، برزت الدبلوماسية الرقمية كأداة فعالة ضمن ترسانة المغرب الدفاعية، حيث تعتمد المملكة بشكل متزايد على شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية الرسمية وصفحات البعثات الدبلوماسية، لبث روايتها الخاصة وتفنيد المغالطات مع الحرص على مخاطبة النخب والرأي العام الدولي بلغته وأولوياته. وقد أثبتت هذه المقاربة فعاليتها خلال عدة أزمات، حيث تمكنت الرباط من تفنيد الحملات العدائية، خصوصاً تلك المرتبطة بنزاع الصحراء أو حقوق الإنسان، وذلك عبر توظيف الأدلة والوثائق والانخراط الاستباقي في النقاشات الدائرة داخل الفضاء الرقمي. وفي هذا السياق، تظل الشراكة بين الإعلام والدبلوماسية أمراً حيوياً لتعزيز ما يعرف بـ”القوة الناعمة المغربية” وللانتقال من رد الفعل إلى التأثير في السرديات الإقليمية والدولية.



