الجبال تحتج… ومؤسسة عيون لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر.

الرباط- الحدث الإفريقي
في مشهد يعكس عمق الإقصاء والتهميش الذي لا تزال تعيشه مناطق شاسعة من المغرب غير النافع، خرجت ساكنة جماعة تبانت – أيت بوكماز بإقليم أزيلال في مسيرة احتجاجية سلمية مشياً على الأقدام، تعبيراً عن رفضها للواقع التنموي المتردي، ومطالبة بحقها في التنمية والكرامة والعدالة المجالية.
هذه المسيرة، التي شارك فيها الرجال والنساء والشباب والأطفال، لم تكن مجرد لحظة احتجاج عابرة، بل شكلت صرخة مجتمعية حضارية تنبه إلى خطر اتساع الفجوة بين الخطاب الرسمي حول الدولة الاجتماعية والنموذج التنموي الجديد، وبين واقع مناطق ظلت لعقود خارج مسار التنمية، محرومة من أبسط الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وقد أثارت هذه الاحتجاجات اهتماماً واسعاً لدى عدد من الهيئات الحقوقية، من بينها مؤسسة عيون لحقوق الإنسان التي عبّرت، على لسان رئيسها زهير أصدور، عن قلقها العميق إزاء هذا الوضع المقلق الذي يهدد استقرار السلم الاجتماعي ويعكس فشل السياسات العمومية في تحقيق العدالة المجالية. وفي رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة، دعت المؤسسة إلى اتخاذ تدابير استعجالية وملموسة لفائدة ساكنة هذه المناطق المهمشة، مع التأكيد على ضرورة فتح حوار جاد ومسؤول مع ممثلي الساكنة وعدم الاكتفاء بالوعود والخطابات.
وأكدت مؤسسة عيون لحقوق الإنسان أن استمرار غياب التنمية في هذه المناطق يُفقد المواطنين الثقة في مؤسسات الدولة، ويُسائل بشدة مدى احترام الالتزامات الدستورية التي تضمن الحق في الكرامة والعيش الكريم والمساواة أمام فرص التنمية.
وتأتي هذه الصرخة الاجتماعية في سياق سياسي تميّز مؤخراً بإقرار مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي وُصف من طرف عدة فاعلين حقوقيين بكونه تراجعاً عن الأدوار الدستورية للمجتمع المدني وتضييقاً على الحريات العامة، ما يكرّس توجهاً مثيراً للقلق قد يعمّق مشاعر الإقصاء وفقدان الثقة.
إن ما وقع في تبانت – أيت بوكماز ليس سوى صورة مصغرة عن واقع التفاوتات المجالية التي طالما نبهت إليها القوى الحية في البلاد. وهو إنذار حقيقي يدعو إلى تجاوز منطق الترضيات الظرفية نحو إرساء مقاربة تنموية عادلة، تحفظ للمواطن كرامته، وتعيد الثقة إلى الفعل المؤسساتي، وتصون التماسك الاجتماعي.



