أخبارأخبار سريعةالبرلمان

الكوطا إلى أين مع استحقاقات 2026؟

سليمة فراجي

مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، التي أكد جلالة الملك في خطابه الأخير أنها ستُجرى في وقتها، تعود إلى الواجهة أسئلة قديمة جديدة حول نجاعة نظام الكوطا ومدى مساهمته الفعلية في تمكين النساء والشباب من الولوج إلى مواقع القرار.

لقد كان الهدف المعلن من اعتماد اللوائح الوطنية في 2011 هو إتاحة الفرصة لفئة واسعة من النساء والشباب لاكتساب تجربة تشريعية ومعرفة تقنية بمسالك التشريع ومقتضيات العمل البرلماني، والديبلوماسية البرلمانية وكذا تمكينهم من خوض غمار التواصل مع الناخبين وتأهيلهم للمنافسة في اللوائح المحلية في ما بعد. غير أن التجربة أثبتت أن الإجراء المرحلي لم يحقق الأهداف المرجوة، بل بدا وكأنه مجرد حل ترقيعي أو جبر خواطر، او تأثيث فرضته ضغوطات خارجية سرعان ما انتهى مفعوله بانتهاء الولاية التشريعية.

فعوض أن تكون الكوطا آلية تأهيل ومدرسة سياسية تنتج قيادات جديدة قادرة على حمل مشعل الديمقراطية المحلية والوطنية، تحولت في حالات كثيرة إلى مجرد أداة للتأثيث السياسي، حيث تم إقصاء المستفيدات والمستفيدين من هذه التجربة من التزكيات الحقيقية في الدوائر المحلية، واعتُبر حضورهم برلمانيا عابرا، ينتهي بانتهاء التعويضات والولاية.

وهنا يكمن جوهر المفارقة ، إذا كان الهدف هو التأهيل، فمن غير المنطقي أن تُغلق الأبواب أمام المستفيدات بعد أول تجربة.
واذا كان الهدف مجرد رفع نسب المشاركة وإبراز أرقام على الورق، فإن الأمر لا يعدو كونه تضليلا انتخابيا وهدرا للموارد، بدل الاستثمار في الطاقات.

إن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبرى في هذا التعثر، حين تعاملت مع الكوطا كإجراء شكلي، دون إرادة حقيقية لإدماج النساء والشباب في مواقع القرار المحلي والجهوي، اللهم إلا إذا تعلق الأمر بالمحسوبية والزبونية ودون إعمال لمبدأ الاستمرارية والتراكم الذي تقوم عليه كل دينامية ديمقراطية.

كما أن الدولة مطالبة اليوم، ومع اقتراب استحقاقات 2026، بمراجعة هذه الآلية في اتجاه جعلها رافعة للتمكين الفعلي لا مجرد محطة انتقالية عقيمة. والسبيل إلى ذلك هو:

  1. ربط الكوطا بآليات التكوين المستمر، حتى يخرج منها المنتخبون الجدد مؤهلين فعلا.
  2. إلزام الأحزاب بتخصيص نسبة من التزكيات المحلية والجهوية للوجوه التي خاضت تجربة اللائحة الوطنية، ضمانا للتراكم.
  3. تحويل الكوطا من منطق التمثيلية العددية إلى منطق التمكين النوعي، عبر دعم حضور النساء والشباب في أجهزة القرار الحزبية، لا الاقتصار على البرلمان.

إن المغرب، وهو يتطلع إلى انتخابات 2026 في وقتها، وهذا ما اكده ملك البلاد كما أشرت إلى ذلك أعلاه ، لا يمكنه أن يكرر تجربة 2011 بنفس الأعطاب، لأن الرهانات اليوم أكبر: تعزيز الثقة في المؤسسات، ومحاربة العزوف الانتخابي، وإعطاء معنى حقيقي للمشاركة السياسية.

إن الكوطا يجب أن تكون مدخلا للإصلاح الديمقراطي، لا مجرد وسيلة لتزيين المشهد السياسي. فالمطلوب هو الانتقال من التمثيلية الرمزية إلى التمكين الفعلي، ومن الأرقام الظرفية إلى البناء المؤسساتي المتراكم، حتى يكون حضور النساء والشباب داخل البرلمان والجماعات الترابية حضورًا وازنًا وفاعلا، يساهم في صناعة القرار ويعكس التحولات الاجتماعية والثقافية للمغرب.

وفي غياب هذه الرؤية الاستراتيجية، سيظل السؤال المشروع مطروحًا:
ماذا كان الهدف إذن؟ تأثيث دون بعد رؤية، أم تمكين حقيقي مؤجل إلى إشعار آخر؟ ام جبر الخواطر إلى حين …

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button