Hot eventsأخبارالرئيسيةفي الصميم

سلطة تجار الاسلحة أفسدت القيم الإعلامية لجريدة”لوموند”

فساد جريدة “لوموند” وابتعادها عن منظومة القيم الإعلامية التي تُكسب الممارسة المهنية حسها الأخلاقي، هو الانطباع السائد اليوم في الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية.

السبب، كما يؤكد هؤلاء، ارتماء الجريدة في أحضان بعض الدوائر الاقتصادية النافدة، كمتنفس مالي ضروري، بعد النزيف المتزايد في المبيعات المُنذر بسكتة قلبية وشيكة، لها من التداعيات ما يجعل البعض يتساءل اليوم إن لم تكن “لوموند” باتت شيئا من الماضي، ووسيلة إعلامية من العصر المنطوي.

باريس- أحمد الميداوي

وتشهد الجريدة نقطة تحول كارثي في مسارها الإعلامي، بعد أن كانت قبل عقد أو يزيد بقليل، مدرسة “الوسط” بامتياز، تميل إلى تجنب الإثارة والشعبوية، والكتابة الذاتية المزاجية. تلك المدرسة التي أكسبتها قيمة رمزية قوية، ونفوذ إعلامي كبير، في فرنسا وفي كل البلدان الفرنكوفونية.

وتبحث “لوموند” منذ شهور عن مستثمر أو مستثمرِين خارجيين، ينقذونها من الإفلاس، ولو على حساب كبح الحريات والصدقية والنزاهة، وخدمة أغراض غير ذات صلة بالوظيفة الإعلامية. وإذا ما استمر التراجع في عمليات النشر، فإن الجريدة لن تجد من بُدّ، سوى الوقوع تدريجيا، وقد بدأت تقع بالفعل، تحت سيطرة عدد من الأباطرة وكبار رجال الصناعة وتجار الأسلحة، ممن يقيمون في ما بينهم أشكالا مختلفة من التحالفات، قد تشكل خطرا على التعددية الإعلامية.

وفي أفق السقطة الوشيكة للجريدة، يثار حاليا جدل كبير في فرنسا، عن مضمون القيم والموازين الأخلاقية التي تحكم أداء “لوموند”، بعد أن أصبحت تستلذ اليوم بالتدليس والإثارة في نقل الأخبار، التي تتقاطع فيها الممارسة المهنية مع الأخلاق بشكل صارخ.

مثل هذا التوجه، ربما لم يكن في الحسبان قبل عشرين سنة ماضية، لكنه صار اليوم ممكنا، بل وعمليا بسبب الضائقة المالية الخانقة التي تعيشها، وقد تجعلها مِلكا لمجموعات صناعية متواطئة مع السلطة السياسية، وتتخلى بالتالي، عن خطوطها التحريرية التي أكسبتها بالأمس نقط ارتكاز قوية في المشهد الإعلامي الأوربي.

جنوح جريدة “لوموند” إلى بث تقارير مكسوّة برداء التضليل، والتحامل على رمز الأمة المغربية، الملك محمد السادس، وعلى كل ما هو مضيء في مسيرة بلاده التنموية، ينمُّ عن استخفاف واستهتار كبيرين، بأهم مقوم من مقومات العمل الإعلامي، وهو الصدق والأمانة الإعلامية.ثم المراهنة على كسب نقط امتياز جديدة من خلال عمليتها التضليلية، التي تتعمد الخلط بين الأخبار الكاذبة والروايات المفبركة، سيجعلها تُمنى بفشل ذريع في إكمال سباق الرهان، وستسقط كما سقطت مِهْنيا في جولات سابقة مع عدد الأقطار الإفريقية والعربية.

الجريدة المُفلسة التي حاولت تسويق نهاية حكم الملك محمد السادس على رأس دولة تعيش على “التناقضات والصداقات المشبوهة”، دون أن تقدم دليلا واضحا عن قرب نهاية عهد الملك محمد السادس، يفوتها عن قصد أو غير قصد، أن المغرب أسس منذ عشرة قرون فضاء جيوسياسيا متناغما، لعبت فيه المؤسسة الملكية دور الحامي للتماسك الوطني، وهو ما جنّب المغاربة التطاحنات الجهوية أو القبلية.

ولعلم صناع الروايات القذرة، وخبراء تضخيم الكذبة وتكييفها حتى يصدقها الناس، أن إعلامهم المزاجي البئيس، يقابله إعلام مغربي على قلب واحد في الأحداث الوطنية الكبرى، والمنجزات الكبرى، وفي المواقف المصيرية.

إعلام يضيف إلى المؤسسة الملكية معاني منبثقة من مخزون قلبه، ويريدها مشتركا إنسانيا معها. إعلام يجتهد في إيصال الرسالة بعفوية متناهية، وفي توجيه البوصلة نحو تقوية جسور المواطنة الصادقة، ويجعل الأحداث الوطنية الكبرى في مستوى من فيها ومن صنعها. قنوات تلفزية، ومحطات إذاعية، وصحف ورقية، ومواقع إلكترونية، ومنصات تواصلية، وقنوات خاصة بأدواتها وتقنياتها. جميعها تدين الملوثات الكلامية لجريدة كانت، لمن عليه أن يتذكر، تطالعنا كل يوم بمقالات إخبارية وتحليلية، منيعة ومتماسكة، تستوعب تطلعات المتلقي، من دون تهجمات قذرة، غدت اليوم سلوكها المألوف، المسكون بهاجس الإثارة والشعبوية المفرطة القائمة على تزوير الوعي وبيع الوهم لجمهور قرائها.

والتطاول على المغرب ورموزه بسيل من الأكاذيب والمغالطات، القائمة على مزبلة من الملوثات التي تتلفظ بها “لوموند” المُفلسة، في خرجات إعلامية متلاحقة، بغاية خلط الأوراق، لن تنال في شيء من وهج الارتباط القائم بين الملك وشعبه، على اعتبار أن قاذوراتها الكلامية، ما هي إلا تعبير قوي، على أن الجريدة تعيش حالة من الارتباك واللخبطة، لا تقوى فيها إلا بقوة الأباطرة وتجار الأسلحة، الذين اشتروا خطوطها التحريرية، واشتروا معها الدّوس على أخلاقيات المهنة القائمة على الحياد والمسئولية، واحترام خصوصية الأفراد.

ولا ينفع في شيء اندهاش الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية، من التخاريف والخزعبلات المغلفة بالعلاوات السخية، التي اعتاد عليها بعض صحفيي الجريدة، بقدر ما يتعين القلق عن الوضعية المُفلسة للجريدة التي أدت إلى انقلاب غير مسبوق في خطوطها التحريرية، لم تخرج من خلاله، عن سياق العداء الحاقد على الملك محمد السادس، وعلى التحولات السياسية التي يشهدها المغرب في مجال الترسيخ الديمقراطي والحريات العامة.

وبعبارة أخرى، تفجير الحقد المُدمر الذي يعتمل في نفوسهم ضد عدوين أساسيين: المغرب بمؤسساته الدستورية والديمقراطية، ثم الملكية المُترسخة في النسيج الاجتماعي المغربي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button