Hot eventsأخبارأخبار سريعةثقافة و فنجهات المملكة

عين النقبي.. مجمع حرفي يعيد الحياة للنحاس المطروق في فاس

في قلب المجمع الحرفي بعين النقبي في فاس، تتجسد حكاية أصالة متجددة، حيث يواصل الحرفيون بعين النقبي، تحت أصوات المطارق المتناغمة، إحياء فن النحاس المطروق الذي توارثته الأجيال. هذا الفضاء الذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس عام 2013، بات اليوم بمثابة نموذج يحتذى به في تحديث قطاع الصناعة التقليدية بالمملكة.

يعد قطب عين النقبي إحدى أهم المبادرات الوطنية الهادفة إلى توفير بيئة عمل احترافية للحرفيين، بعيدًا عن الظروف الصعبة التي كانت سائدة في الماضي. يشير الحرفي رضوان، الذي قضى قرابة 40 عامًا في هذه المهنة، إلى أن الانتقال إلى هذا المجمع غيّر حياته بشكل جذري. فمن ورشة مظلمة وبائسة في حي بنسودة، وجد رضوان في عين النقبي مساحة للعمل، وإضاءة، وتهوية، والأهم من ذلك كله، التقدير الذي يستحقه.

مزيج بين الأصالة والحداثة

يعتبر مجمع عين النقبي، الذي تجاوزت كلفته الاستثمارية 332 مليون درهم بتمويل مغربي أمريكي، بوتقة تذوب فيها الأصالة في الحداثة. فعلى الرغم من أن الحرفيين يستخدمون تقنيات حديثة مثل الرسم على الحاسوب لتصميم الزخارف، إلا أن لمسة الصانع التقليدي تظل هي الأهم في إضفاء الحياة على القطعة. وتزين القطع المصنوعة في المجمع، التي تحمل زخارف عربية وفسيفساء هندسية، المنازل والفنادق والمساجد في المغرب والخارج، وتجذب مصممين عالميين يبحثون عن الجودة والإتقان.

مركز لنقل الخبرات ومواجهة التحديات البيئية

لم يقتصر دور مجمع عين النقبي على تحسين ظروف العمل فحسب، بل تعدى ذلك إلى المساهمة في الحفاظ على البيئة، حيث قلص من التلوث الحرفي في المدينة العتيقة لفاس. كما يضطلع القطب بدور محوري في نقل الخبرات إلى الأجيال الجديدة، عبر استقبال المتعلمين الشباب من المعاهد المتخصصة أو من خلال التكوين على يد المعلمين. وتهدف هذه المبادرة إلى ضمان استمرارية الحرف اليدوية وتطويرها بما يتناسب مع متطلبات العصر، وتشجيع الشباب على الانخراط فيها.

إشعاع دولي وتراث ثقافي حي

تحظى صناعة النحاس المغربي بتقدير دولي كبير، بفضل دقتها وجودتها العالية، وقد نفذ حرفيو عين النقبي قطعاً فنية لزبائن في الإمارات وفرنسا واليابان. وبفضل بنياته التحتية الحديثة والدعم المؤسساتي، لم يعد فن النحاس في فاس مجرد إرث تاريخي مهدد بالزوال، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من الدينامية الثقافية والاقتصادية التي تعرفها جهة فاس مكناس، ليظل بذلك شاهدًا على حكمة مزج الماضي بالحاضر للحفاظ على ثروة فنية لا تقدر بثمن.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button