اليوم العالمي لسلامة الأغذية: العلم ركيزة أساسية لقرارات آمنة وصحة مستدامة

يُشكل اليوم العالمي لسلامة الأغذية، الذي يُحتفل به في 7 يونيو من كل عام، مناسبة حاسمة لتسليط الضوء على الدور المحوري للبحث العلمي في ضمان سلامة الأغذية والمساهمة في اتخاذ قرارات مستنيرة. تحت شعار هذا العام “سلامة الأغذية: العلم وأسس اتخاذ القرارات”، يتم التأكيد على أن سلامة الأغذية تستند، قبل كل شيء، إلى أسس علمية صارمة لا غنى عنها في كل مرحلة من مراحل السلسلة الغذائية.
– العلم في صلب سلامة الغذاء
سواء تعلق الأمر بتقييم المخاطر، تحليلها، أو صياغة سياسات قائمة على بيانات علمية، فإن العلم يتواجد في كل خطوة من خطوات اتخاذ القرار لضمان سلامة وجودة الأغذية. تُعد السلامة الغذائية ركيزة أساسية لضمان تغذية صحية على امتداد جميع حلقات السلسلة الغذائية، من الإنتاج إلى الحصاد، مرورًا بالتحويل، التخزين، التعبئة، التوزيع، ووصولًا إلى التحضير ثم الاستهلاك. من دون التطبيق الدقيق للمعرفة العلمية، يستحيل ضمان سلامة المنتجات الغذائية على طول سلاسل الإمداد.
تعتمد السلطات العمومية على النتائج العلمية في وضع القواعد التنظيمية، بينما تطبق شركات الصناعات الغذائية المبادئ العلمية للحفاظ على معايير إنتاج آمنة وذات جودة. أما المستهلكون، فيلجؤون بشكل متزايد إلى أدوات بسيطة، مثل التطبيقات والمواقع الإلكترونية، لاقتناء منتجات غذائية تستوفي المعايير المرتبطة بالتصنيفات الغذائية.
وفي هذا الصدد، يؤكد أخصائي التغذية، محمد أدهشور، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن العلم يضطلع بدور محوري في مجال التغذية، إذ يسمح بفهم أفضل لتأثير الأغذية على الصحة، ويساعد على تحديد الآليات الكفيلة بالوقاية من المخاطر المرتبطة بها.
– جهود حماية المستهلك وتعزيز الوعي
من جانبه، يرى وديع مديح، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات المستهلك، أنه من أجل حماية المستهلكين من الأغذية غير المطابقة للمعايير، يمكن اتخاذ عدة تدابير، لاسيما من خلال تعزيز الرقابة الصحية، تطبيق المعايير المعترف بها، وتوعية المستهلكين بالإبلاغ عن المنتجات الخطرة.
وأوضح أن الفيدرالية الوطنية لجمعيات المستهلكين تعمل على حماية المستهلكين من خلال التنبيهات والإبلاغ، وتثقيف المستهلك، والتعاون مع السلطات، وتنظيم حملات التوعية. وأشار إلى أن الفيدرالية تعمل جنبًا إلى جنب مع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية على التوعية والتبليغ، حيث تقوم بإبلاغ المكتب من خلال تقارير رسمية لمطالبته بفتح تحقيقات في حالات اللحوم الفاسدة، والمنتجات منتهية الصلاحية، أو المنتجات غير الصالحة للاستهلاك.
– تحديات عالمية ومخاطر متزايدة
وفقًا لمعطيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، التي نُشرت بمناسبة هذا اليوم العالمي، فإن 600 مليون شخص في العالم يصابون سنويًا بأمراض نتيجة تناول أغذية ملوثة. كما أن هذه الأمراض، التي يبلغ عددها حوالي 200 نوع، تتسبب في 420 ألف حالة وفاة يمكن تجنبها، وتؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر هشاشة، مثل الأطفال الصغار والفئات الفقيرة.
وفي هذا السياق، يوضح الدكتور أدهشور أن فصل الصيف يوفر ظروفًا ملائمة لتكاثر البكتيريا والمسببات المرضية بفعل الحرارة، محذرًا من انقطاع سلسلة التبريد أو سوء التعامل مع الأغذية. كما حذر من أن مشتقات الحليب، اللحوم، الأسماك، والأطباق الجاهزة التي يتم حفظها بطريقة سيئة، تُعد من بين المواد الأكثر عرضة لخطر التلوث. ويؤكد على ضرورة تبني سلوكيات صحية، من خلال الاعتماد على قنوات توزيع موثوقة، والحرص على احترام قواعد النظافة.
على الرغم من مرور سبع سنوات على إعلان هذا اليوم العالمي، لا تزال مسألة سلامة الأغذية تشكل مصدر قلق دائم للسلطات العمومية، التي يتعين عليها التعامل معها بشكل منتظم وغير ظرفي، لأن صحة السكان فوق كل اعتبار. وبما أن أي حادث يتعلق بسلامة الأغذية يتطلب تدخلاً فوريًا لحماية صحة المستهلكين، فإن أي إهمال لا يمكن إلا أن يؤدي إلى أزمات واسعة النطاق، حيث يمكن أن تؤدي المخاطر التي تشكلها الأغذية غير الآمنة، في نهاية المطاف، إلى حالة طوارئ دولية.



