
أسفارٌ
رمّمتُ بها ما تهدَّم
من جدار غرفتي.
دَفَّاتُها تَبكي حقائقَ أبلغُ من خطبِ وعاظ يومِ القيامة،
أوراقُها تصرخُ احتجاجًا على مرعبي نهايةِ الزمان،
وصفحاتها تذرف هتافا في وجه عذاب القبر واليائسين.
ينطق حبرُها ليلاً
بما أخفته القرون من أسرار،
ويفوح فجراً
بتأويلاتٍ
لم تجرؤ عليها أكثر الأزمنة جسارة.
تصدح بما سكت عنه المفسرون،
تعترف بما اقترفه عليها السابقون من جروح،
تستنجدني…
فأفيقُ،
أصغي لشكواها،
وأفتحُ لها صدري.
تفيض كنهرٍ
يندفع في محيطٍ
أضيقَ من أن يحتويها،
وتعلن:
أن ساعة الحرب تأخّرت،
وأنها مقاتلةٌ
فقدتْ
صبرها.
نخرت صدرها
عيونٌ مأجورة،
متطفّلة،
حوّلت كلامها عن موضعه،
زوّرت شهادتها،
وأفرغتها
مما أُوكل إليها.
…
ثمّ هبّت ريحٌ
واقْتَلَعَت الصبرَ من جذوره.
فصاحت:
أما من عينٍ،
أما من أُذُن،
أما من عقلٍ
يَقي الحصنَ
هجماتِ الجاهلين؟
عبداللطيف زكي
مراكش، في 5 غشت 2025



