أخبارأخبار سريعةعين العقل

بالصمت العاجز نصرخ.. لكِ الله يا غزة

بقلم الاستاذ: مولاي الحسن بنسيدي علي

غزة، هذه البقعة الصغيرة التي تتسع في قلوب الأحرار، تختنق اليوم تحت رماد العدوان، وتغرق في دماء أبنائها. تُقصف المدائن، وتُهدم البيوت على ساكنيها، وتُدكّ الصوامع، ويُقتل الشيوخ والنساء والأطفال بلا رحمة. تصعد أصوات الصراخ والأنين إلى السماء، لكن آذان الساسة مسدودة، وقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.

في العواصم، تُرفع شعارات الاحتجاج الخجولة، تُلقى الخطب المنمقة، وتُعقد اجتماعات عاجلة لجامعة عربية صارت عاجزة حتى عن إصدار بيان يردع، فكيف بردّ عدوان يحرق الحجر والشجر والبشر؟ كل ذلك لا يوقف صفارات الإنذار في غزة، ولا يمسح دموع طفل يصرخ على جثمان أمه.

أي عارٍ هذا الذي يجعل العواصم العربية والإسلامية تكتفي بإلقاء اللوم على بعضها، فيما النار تلتهم غزة على مرأى ومسمع منهم جميعًا؟ أي نومٍ هذا الذي يغشى العقول والقلوب، حتى صارت الدماء الطاهرة تُراق وكأنها مشهد عابر في نشرات الأخبار؟

متى تستيقظ الضمائر الميتة، وتصرخ حتى بالصمت العاجز، وتتحرك الأيدي قبل أن تُشلّ، والقلوب قبل أن تُقسى؟ ليس المطلوب شعارات ولا بيانات شجب ولا عبارات كاذبة “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، بل تحتاج رغيف خبز يسد جوع الجائع، وقطرة ماء تروي عطش المحاصرين وعلبة دواء، وجرأة موقف يردع القاتل.

لقد شبعنا لغة الإنشاء التي تُستعمل لذرّ الرماد في العيون، وشبعنا الخطابات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، والتي لا تُقال إلا لتسكين الغضب الشعبي وإشباع حاجة القادة للظهور بمظهر “المهتم”. أما غزة، فهي تحترق… ولا يطفئ نارها سوى فعل حقيقي، لا وعود كاذبة.

إن غزة اليوم لا تحتاج دموع المتباكين، بل تحتاج أيادي الأحرار، وصرخة تخرج من قلب الأمة، لا من فم الميكروفون. تحتاج أن نكسر جدار الصمت والخوف، وأن نعلنها صراحة: لكِ الله يا غزة… فالبشر خذلوك، والساسة باعوك، ولكن الله لا يترك عباده المظلومين.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button