Hot eventsأخبارأخبار سريعةالبرلمان

تصريحات “طحين الورق” تُعيد الجدل حول حدود الحصانة البرلمانية والمسؤولية الجنائية في المغرب

أعادت تصريحات برلمانية أثيرت مؤخراً، ووصفت إعلامياً بـ”طحين الورق”، النقاش إلى الواجهة بشأن حدود الحصانة البرلمانية وما إذا كانت توفر حماية مطلقة للنواب من المساءلة القانونية، خاصة عندما تتضمن اتهامات مبطّنة تمس الأمن الغذائي وتؤثر على الرأي العام.

وقد أثارت هذه الواقعة تساؤلات قانونية دقيقة حول الخط الفاصل بين حرية التعبير السياسي المكفولة دستورياً والمسؤولية الجنائية أو التأديبية التي قد تترتب عن تصريحات تفتقر إلى القرائن والأدلة الواضحة.

الحصانة الموضوعية… حماية “محصورة” داخل القبة

أوضح الخبراء القانونيون أن تحليل هذه الحالات يرتكز على تحديد سياق التصريح:

1. التصريحات داخل الجلسات الرسمية (الحصانة الموضوعية):

  • النطاق: أكد كمال الهشومي، أستاذ القانون الدستوري، أن الفصل 64 من الدستور يمنح النائب حصانة من المتابعة القضائية بسبب الآراء التي يبديها أثناء مزاولته لمهامه، أي داخل الجلسات الرسمية.
  • المتابعة: إذا صدر التصريح داخل جلسة عمومية، فإنه يخضع للحصانة الموضوعية، ولا يمكن للنيابة العامة متابعة صاحبه مباشرة.
  • دور النيابة العامة: لكن، بما أن التصريح يتضمن وقائع تمس بـالأمن الغذائي والصحة العامة، يمكن للنيابة العامة فتح تحقيق في مضمون الوقائع التي تضمنها التصريح للتحقق من صحتها، دون المساس بالنائب.

2. التصريحات خارج المؤسسة التشريعية:

  • المساءلة الجنائية: إذا صدرت مثل هذه التصريحات خارج سياق العمل البرلماني (خارج الجلسات الرسمية أو في سياقات دعائية)، فإنها تخضع للقوانين العادية.
  • التكييف القانوني: يمكن أن تكيّف ضمن:
    • قانون الصحافة والنشر (المادة 72): التي تجرّم نشر أو إذاعة أخبار زائفة أو وقائع غير صحيحة من شأنها الإخلال بالنظام العام أو إثارة الفزع بين الناس، وتُعاقب بغرامة تصل إلى 200 ألف درهم.
    • القانون الجنائي: لتكييفها ضمن السب أو القذف وفق الفصول من 442 إلى 447.

المسؤولية الجنائية قائمة وآليات الرقابة مفعلة

شدد عبد المجيد بوكير، رئيس شعبة القانون والاقتصاد، على أن المسؤولية الجنائية للبرلمانيين عن تصريحاتهم داخل غرفة البرلمان تظل قائمة، رغم ضمان الدستور حرية التعبير، إذا ما مسّت بالأمن العام أو ألحقت ضرراً بالمواطن.

  • الرقابة والمساءلة: أكد الخبراء أن حرية التعبير البرلماني ليست مطلقة، وتستدعي تفعيل آليات الرقابة والمساءلة لضمان عدم الإخلال بالنظام العام أو المساس بحقوق الأفراد.
  • دور لجنة الأخلاقيات: يتيح النظام الداخلي لمجلس النواب مساءلة العضو تأديبياً داخل المؤسسة عبر لجنة الأخلاقيات، التي يمكنها اقتراح عقوبات كالتنبيه أو الإنذار أو الإبعاد المؤقت، للحفاظ على نزاهة العمل البرلماني.
  • دور الهيئات المستقلة: يمكن لهيئات مستقلة، كـالهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة، التدخل لرفع ملفات تتعلق بهذه التصريحات إلى القضاء أو إحالتها على المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
  • المساواة أمام القانون: أكد بوكير أن الدستور الجديد يكفل للنيابة العامة والسلطات المختصة التحقيق مع البرلمانيين بدون الحاجة لأخذ إذن من البرلمان، مما يعزز مبدأ المساواة أمام القانون.

ويؤكد المتخصصون أن الخط الفاصل بين الرأي السياسي المشروع والمخالفات القانونية يبقى دقيقاً، مما يستدعي الاحتكام إلى معايير دقيقة تتولاها المؤسسات المختصة، وذلك لضمان أن تبقى الكلمة التي تُلقى تحت القبة مسؤولية دستورية قائمة على الصدق والدقة، لا على إثارة الشك والارتباك.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button